كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 98 """"""
عيدنا . " فقال إني سقيم " ، يعني لعبادتكم الأصنام " فتولوا عنه مدبرين " إلى عيدهم ، ولم يبق في بلدهم إلا الصغار والهرمون .
فقام إبراهيم ودخل بيت الأصنام - وكان القوم قد وضعوا الطعام بين أيديها - " فقال ألا تأكلون ، مالكم لا تنطقون " استهزاء بهم ، وكانت في جانب البيت فأس ، فأخذها وكسر بها هذا الصنم ، وكسر يد هذا الصنم ورجل هذا ورأس هذا . قال الله عز وجل : " فراغ عليهم ضرباً باليمين " وترك كبيرهم كما أخبر الله تعالى : " فجعلهم جذاذاً إلا كبير لهم " ثم علق الفأس في عنق الصنم الأكبر ورجع إلى منزله . وأقبل القوم بعد فراغهم من عيدهم ، فرأوا أصنامهم على ذلك ؛ فقالوا : " من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ، قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم " وبلغ الخبر نمروذ . قال : " فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون " يعني عذابه . فلما أتوا به " قالوا ءأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ، قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون " قال بعضهم لبعض : " إنكم أنتم الظالمون ، ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون " فصاحوا من كل ناحية : أفتأمرنا بذلك وأنت تعلم أنها لا تسمع ولا تبصر . فقال إبراهيم : " أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون " فقال القوم لنمروذ ما أخبرنا الله تعالى عنهم : " قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين " .
وكان لنمروذ تنور من حديد يحرق فيه من غضب عليه ، فأمر بالتنور فأسجر فطرح إبراهيم فيه ، فلم تضره النار بقدرة الله ؛ فلما رأى نمروذ ذلك جمع أهل مملكته واستشارهم ، فأشاروا بحبسه ويجمع له الحطب الكثير ، ويضرم فيه النار ، ثم يلقيه فيه إذا صار جمراً . وقالوا : إنه لا يقدر يسحر النار الكبيرة ، ولا يعمل سحره فيها .
فعند ذلك حبسه وأمر بجمع الأحطاب ؛ فيقال : إن الدواب امتنعت من حملها إلا البغال ، فأعقمها الله عقوبة لذلك ؛ فجمعوا من الأحطاب ما لا يحصى كثرة ؛ وأمر