كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 99 """"""
أن تحفر حفيرة واسعة ، وبنى حولها حائطاً عالياً ، وألقى فيها تلك الأحطاب وأضرم فيها النار والنفط ثلاثة أيام ، فكان لهبها يصيب الطائر في الجو فيحرق .
قال : وهموا بطرح إبراهيم فيها ، فلم يقدروا يقربوا منها .
فيقال : إن إبليس أتاهم في صورة شيخ ، وصنع لهم المنجنيق ، ولم يكونوا يعرفونه قبل ذلك ، ووضعوا إبراهيم في كفة المنجنيق ، ورموا به وهو يدعوا الله أن ينصره عليهم ؛ فعارضه جبريل وهو في الهواء ، وقال له : ألك حاجة يا إبراهيم ؟ قال : أما إليك فلا ، بل حسبي الله ونعم الوكيل .
فلما قرب من النار قال الله عز وجل : " يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم " .
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : لو لم يقل " وسلاماً " لمات إبراهيم من شدة البرد .
فبرد حرها واخضرت الأشجار التي احترقت ورست بعروقها .
فلما أصبح نمروذ جلس في مكان مشرف ينظر إلى ما أصاب إبراهيم من النار ؛ فكشف عن بصره فإذا هو برجل في وسطها على سرير ، عليه ثياب خضر وإلى جنبه رجل آخر ؛ وخلق كثير وقوف من ورائهما ؛ فدعا بصاحب المنجنيق وقال له : كم ألقيت في النار ؟ قال : إبراهيم وحده . فعجب وعجبت الناس وقال : اذهبوا وانظروا من القاعد على السرير ومن إلى جنبه وحوله . فأتوا فإذا هم بإبراهيم على أحسن صورة ، فأخبروا نمروذ ، فقال : ائتوني به . فقالوا : لا نستطيع الوصول إليه لحر النار . فنادوه : يا إبراهيم ، اخرج إلينا . فخرج إلى نمروذ وقال له : ما أعجب سحرك يا إبراهيم قال : ليس هذا بسحر ، وإنما هو من قدرة الله تعالى . قال : فمن الذي عن يمينك ؟ قال : ملك جاءني من عند ربي بشرني أن الله اتخذني خليلاً . فقال نمروذ : لأصعدن إلى السماء وأقتل إلهك .
ذكر خبر صعود نمروذ إلى السماء على زعمه
قال : وأمر نمروذ أن يتخذ له تابوت مربع ، ويكون له بابان : باب إلى السماء وباب إلى الأرض ، وجوع أربعة نسور ، وسمر أربعة رماح في أركان التابوت ، وعلق