كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 11 """"""
وأن يرسلوا معه بني إسرائيل وأعطاه القوة ، وأمر النار والجبال والوحش بطاعته . فانطلق إلياس إليهم وهم في سبعين قرية ، كل قرية منها مدينة ، في كل مدينة جبار يسوسهم ، وكلهم يعبدون صنماً يدعى بَعْلا وهو على صورة امرأة ، فصار إلياس إلى قرية من قراهم ، وكان فيها ملك يقال له آجاب ، فوقف بالقرب من قصره ، وقرأ التوراة بأطيب نغمة ، فسمعه الملك ، فقال لامرأته : ألا تسمعين ؟ ما أطيب هذا الصوت فقامت المرأة إليه وأشرفت عليه من أعلى القصر وسألته عن حاله وخبره ، فأخبرها أنه رسول الله . قالت : وما حجتك على دعواك ؟ فاستدعى النار فجاءت إليه وشهدت بنبوته وصدقته ، فأخبرت المرأة زوجها بما رأت منه ، فجاء إليه وآمن به هو وامرأته ، وأوصاه بالصبر والجهاد ، وانصرف إلياس . حتى إذا كان يوم اجتماع القوم وقد خرجوا بزينتهم ونصبوا صنمهم بعلاً وقف عليهم ودعاهم إلى الإيمان ، فقال فيما أخبر الله تعلى به عنه : " وإن إلياس لمن المرسلين ، إذ قال لقومه ألا تتقون ، أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين ، الله ربكم ورب آبائكم الأولين " . فقالوا له : من أنت ؟ فقال : أنسيتموني بعد أن كنت فيكم ومعكم أنا إلياس . فحثوا في وجهه التراب ورموه بالحجارة من كل جانب . وكان ملكهم الأكبر يقال له عاميل ، فأمر بزيت فغلى في قدر نحاس وقال لإلياس : إن رجعت وإلا طرحتك فيه . فقال : أنا وحيد في أرضكم ، فريد في جمعكم ، ولكني أريكم آية تدل على صدق دعواي أني رسول الله إليكم . فقال له الملك نعم . فقال إلياس : أيتها النار اخمدي بإذن الله تعالى ، فخمدت وسكن غليان الزيت ، فعجب الناس من ذلك . قال الملك : قد أتيت بحجة ، ولكن أمهلنا يومنا لننظر في أمرك . ففارقهم وأتاهم من الغد ودعاهم ، فجمع الملك ملوك قومه وعلماءهم وقال : ما تقولون في هذا الرجل ؟ فقال العلماء : إنا نرى في التوراة صفة هذا الرجل أنه يبعث نبياً تسخر له النار والأسود والجبال ، وأنه لا يسمع أحد صوته إلا ذل وخضع له .

الصفحة 11