كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 111 """"""
قال : ثم إن الشياطين قالوا للأرضة : لو كنت تأكلين الطعام لأتيناك بأطيب طعام ، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب ، و لكننا سننقل إليك الماء والطين . قال : فهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت . قال : ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو مما تأتيها به الشياطين شكراً لها ؛ فذلك قوله تعالى : " فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض " وهي الأرضة ، ويقال لها القادح أيضاً ، وهي دويبة تأكل العيدان " تأكل منسأته " أي عصاه " فلما خر تبينت الجن . . . " الآية .
قال أهل التاريخ : كان عمر سليمان ثلاثاً وخمسين سنة ، ومدة ملكه أربعين سنة ، وملك يوم ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة .
وقال الكسائي قال وهب : عاش سليمان ستين سنة ، منها في الملك والنبوة أربعون سنة . قال : وتفرقت الإنس والجن وغيرهم ، فتفرق بنو إسرائيل بعده ثلاث فرق : فرقة كفروا واتبعوا السحرة ، وفرقة اعتزلوا وقالوا : لا نطيع بعده أحداً وفرقة اتبعو ابنه رحبعم .
قال الثعلبي : ملك بعد سليمان - ع - ابنه رحبعم ، وكان قد استخلفه فنبأه الله تعالى ولم يكن رسولاً ثم قبض ، وكان ملكه سبع عشرة سنة . ثم ملك بعده ابنه أيشا بن رحبعم ، وكان ملكه ثلاثا وستين سنة . ثم ابنه أينا .
وقال الكسائي : ملك بعد رحبعم ابنه لايى ، وملك بعد لايى ابنه أيشا بن لايى ، ثم بعث الله تعالى بعد أن قبض أيشا ، شعيا وهو من ولد هارون بن عمران . وقال الثعلبي في سياقه : لما ملك أينا بن أيشا ، وكان رجلاً صالحاً ، وكان أعرج ، وكان به عرق النسا ، فطمعت الملوك فيه لضعفه ، وافترقت ملوك بني إسرائيل ، فغزاهم ملك من ملوك الهند يقال له زرج الهندي في جمع كثير ، فبعث الله تعالى عليهم ملائكة فهزموهم ، فقصدوا البحر حتى ركبوه جميعاً ، فبعث الله تعالى عليهم الريح والأمواج أثقالهم وأموالهم وسلبهم إلى محلة بني إسرائيل ، ونودوا أن خذوا ما غنمكم الله وكونوا فيه من الشاكرين . ثم لم يزل يغزوهم الملك بعد الملك من ملوك العراق وغيرهم ، فيهلكهم الله تعالى إلى أن ظهر فيهم الظلم والفساد ، وفشت فيهم المعاصي ، وعبد بعض ملوكهم الأصنام ، فكان من أمرهم ما نذكره إن شاء الله تعالى .