كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 112 """"""
الباب الثالث من القسم الثالث من الفن الخامس في أخبار شعيا وإرميا عليهما السلام وخبر بختنصر وخراب بيت المقدس وعمارته وما يتصل بذلك من خبر عزير وفتنة اليهود
ذكر قصة شعيا عليه السلام
قال أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله : كان الملك إذا ملك من بني إسرائيل بعث الله معه نبياً يرشده ويسدده ويكون فيما بين الناس وبين الله تعالى ، ولا ينزل الله تعالى عليه كتاباً إنما يأمر بأحكام التوراة وينهى عن المعصية ، ويدعوا الناس إلى ما تركوا من الطاعة ، وكان ممن ملك منهم صديقة . فلما ملك بعث الله تعالى شعيا بن أمصيا ، فملك ذلك الملك بني إسرائيل وبيت المقدس زماناً ، ثم كثرت في بني إسرائيل الأحداث ، فبعث الله سنحاريب ملك بابل ، معه ستمائة ألف راية ، فأقبل حتى نزل حول بيت المقدس والملك إذ ذاك مريض في ساقه قرحة ، فجاء النبي شعيا - ع - فقال لملك بني إسرائيل : إن سنحاريب ملك بابل قد أقبل ونزل بك في ستمائة ألف راية ، وقد هابهم الناس وفرقوا منهم . فكبر ذلك على الملك وقال : يا نبي الله ، هل أتاك وحي فيما حدث فتخبرنا به كيف يفعل الله تعالى بنا وسنحاريب ؟ قال : لم يأتني وحي . فبينما هم كذلك أوحى الله تعالى إلى شعيا أن ائت ملك بني إسرائيل فمره أن يوصي بوصية ويستخلف على ملكه من يشاء من أهل بيته . فأتاه شعيا فقال : إن ربك عز وجل قد أوحى إلي أن آمرك أن توصي وصيتك وتستخلف من شئت على ملكك من أهل بيتك فإنك ميت . فلما قال له شعيا ذلك أقبل صديقة الملك على القبلة فصلى ودعا وبكى ، فقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله عز وجل بقلب مخلص وتوكل وصبر : " اللهم رب الأرباب وإله الآلهة القدوس المقدس ، يا رحمن يا رحيم ، يا رءوف يا من لا تأخذه سنة ولا نوم ، اذكرني بنيتي وفعلي وحسن قضائي في بني إسرائيل ، وذلك كله كان منك وأنت أعلم به مني سري

الصفحة 112