كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 113 """"""
وعلانيتي لك " ، فاستجاب الله تعالى دعاءه ، وكان عبداً صالحاً . فأوحى الله تعالى إلى شعيا أن أخبر صديقة أن الله استجاب له وقبل منه ورحمه وأخر أجله خمس عشرة سنة ، وأنجاه من عدوه سنحاريب وجنوده . فلما رفع رأسه أوحى الله تعالى إلى شعيا أن قل للملك صديقة يأمر عبداً من عبيده فيأتيه بماء التين فيجعله على قرحة ساقه فيشفي ويبرأ ، ففعل ذلك فشفي . وقال الملك لشعيا : سل ربك أن يجعل لنا علماً بما هو صانع بعدونا هذا . فقال الله تعالى لشعيا : قل له إني كفيتك عدوك وأنجيتك منهم ، وإنهم سيصبحون موتى إلا سنحاريب وخمسة نفر من كتابه . فلما أصحوا جاء صارخ فصرخ على باب المدينة : يا ملك بني إسرائيل ، إن الله تعالى قد كفاك أمر عدوك ؛ فإن سنحاريب ومن معه قد هلكوا . فخرج الملك فالتمس سنحاريب فلم يوجد في الموتى . فبعث الملك في طلبه ، فأدركه الطلب في مغارة وخمسة من كتابه ، أحدهم بختنصر ، فجعلوهم في الجوامع ثم أتوا بهم ملك بني إسرائيل ، فلما رآهم خر ساجداً لله تعالى من حين طلعت الشمس إلى العصر ، ثم قال لسنحاريب : كيف ترى فعل ربنا ؟ ألم يقتلكم بحوله وقوته ونحن وأنتم غافلون ؟ فقال سنحاريب : قد أتاني خبر ربكم ونصره إياكم ، ورحمته التي رحمكم بها قبل أن أخرج من بلادي ، فلم أطع مرشداً ولم يلقني في الشقوة إلا قلة عقلي ، ولو سمعت أو عقلت ما غزوتكم ، ولكن الشقوة غلبت علي وعلى من معي . فقال صديقة : الحمد لله رب العزة الذي كفاناكم بما شاء . إن ربنا لم يبقك ومن معك لكرامة لك عليه ، ولكنه إنما أبقاك ومن معك لتزدادوا شقوة في الدنيا وعذاباً في الآخرة ، ولتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا . ولدمك ودم من معك أهون على الله تعالى من دم قرادة لو قتلت . ثم أمر صديقة أمير جيشه أن يقذف في رقابهم الجوامع ، فطاف بهم سبعين يوماً حول بيت المقدس وإيليا ، وكان يرزقهم في كل يوم خبزتين من شعير لكل رجل . فقال سنحاريب لملك بني إسرائيل : القتل خير مما تفعل بنا ، فافعل ما أمرت . فأمر بهم الملك إلى سجن القتل ، فأوحى الله تعالى إلى شعيا : أن قل لملك بني إسرائيل : يرسل سنحاريب ومن معه لينذروا من وراءهم ، وأن يكرمهم ويحملهم حتى يبلغوا بلادهم . فبلغ شعيا الملك ذلك ، ففعل ما أمر به ، وخرج سنحاريب ومن معه حتى

الصفحة 113