كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 114 """"""
قدموا بابل . فلما قدموا جمع سنحاريب الناس وأخبرهم كيف فعل الله بجنوده . فقال له كهانه وسحرته : قد كنا نقص عليك خبر ربهم وخبر نبيهم ووحي الله إلى نبيهم ، فلم تطعنا ، وهي أمة لا يستطيعها أحد من ربهم . ولبث سنحاريب بعد ذلك سبع سنين ومات . واستخلف بختنصر ابن ابنه على ما كان عليه جده ، فعمل بعمله وقضى بقضائه ، فلبث سبع عشرة سنة ثم قبض الله تعالى صديقة ملك بني إسرائيل ، فمرج أمر بني إسرائيل وتنافسوا الملك حتى قتل بعضهم بعضاً ، ونبيهم شعيا معهم لا يرجعون إليه ولا يقبلون منه . فلما فعلوا ذلك أوحى الله تعالى إلى شعيا : أن ثم في قومك أوح على لسانك . فلما قام أوحى الله تعالى على لسانه وأنطقه بالوحي فقال : يا سماء اسمعي ، ويا أرض أنصتي ؛ فإن الله يريد أن يقص شأن بني إسرائيل الذين رباهم بنعمته ، واصطنعهم لنفسه ، وخصهم بكرامته ، وفضلهم على عباده ، واستقبلهم بالكرامة ، وهم كالغنم الضائعة التي لا راعي لها ؛ لآوى شاردها ، وجمع ضالها ، وجبر كسيرها ، وداوى مريضها ، وأسمن مهزولها ، وحفظ سمينها . فلما فعل ذلك بها تناطحت كباشها فقتل بعضها بعضاً ، حتى لم يبق منهم عظم صحيح يجبر إليه آخر كسير . فويل لهذه الأمة الخاطئة الذين لا يدرون ما جاءهم من الخير . إن البعير مما يذكر وطنه فيأتيه ، وإن الحمار مما يذكر الآرى الذي يشبع عليه فيراجعه ، وإن الثور مما يذكر المرج الذي يسمن فيه فينتابه ، وإن هؤلاء القوم لا يدرون من أين جاءهم الخير وهم ألو الألباب والعقول ليسوا ببقر ولا حمير ، وإني ضارب لهم مثلاً فليسمعوه . افسوا الملك حتى قتل بعضهم بعضاً ، ونبيهم شعيا معهم لا يرجعون إليه ولا يقبلون منه . فلما فعلوا ذلك أوحى الله تعالى إلى شعيا : أن ثم في قومك أوح على لسانك . فلما قام أوحى الله تعالى على لسانه وأنطقه بالوحي فقال : يا سماء اسمعي ، ويا أرض أنصتي ؛ فإن الله يريد أن يقص شأن بني إسرائيل الذين رباهم بنعمته ، واصطنعهم لنفسه ، وخصهم بكرامته ، وفضلهم على عباده ، واستقبلهم بالكرامة ، وهم كالغنم الضائعة التي لا راعي لها ؛ لآوى شاردها ، وجمع ضالها ، وجبر كسيرها ، وداوى مريضها ، وأسمن مهزولها ، وحفظ سمينها . فلما فعل ذلك بها تناطحت كباشها فقتل بعضها بعضاً ، حتى لم يبق منهم عظم صحيح يجبر إليه آخر كسير . فويل لهذه الأمة الخاطئة الذين لا يدرون ما جاءهم من الخير . إن البعير مما يذكر وطنه فيأتيه ، وإن الحمار مما يذكر الآرى الذي يشبع عليه فيراجعه ، وإن الثور مما يذكر المرج الذي يسمن فيه فينتابه ، وإن هؤلاء القوم لا يدرون من أين جاءهم الخير وهم ألو الألباب والعقول ليسوا ببقر ولا حمير ، وإني ضارب لهم مثلاً فليسمعوه . قل هلم : كيف ترون في أرض كانت جرزاً زماناً خربةً مواتاً لا عمران فيها ، وكان لها رب حكيم قوي ، فأقبل عليها بالعمارة وكره أن تخرب أرضه ، فأحاط عليها جداراً وشيد فيها قصراً وأنبط فيها نهراً ، وصفف فيها غراساً من الزيتون والرمان والنخيل والأعناب وألوان الثمار كلها ، وولي ذلك واستحفظه ذا رأي وهمة حفيظاً قوياً