كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 117 """"""
الضعفاء ، والغنى في الفقراء ، والثروة في الأفلاء ، والمدائن في الفلوات ، والآجام في المفاوز ، والثرى في الغيطان ، والعلم في الجهلة ، والحكم في الأميين . فسلهم متى هذا ومن القيم به وعلى يدي من أسببه ، ومن أعوان هذا الأمر وأنصاره . وإن كانوا يعلمون فإني باعث لذلك نبياً أميا لا أعمى من العميان ولا ضالاً من الضالين ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صاحب في الأسواق ، ولا متزين بالفحش ، ولا قوال للخنا ، أسدده لكل جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، ثم أجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره ، والحكمة معقوله ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والعدل سيرته ، والحق شريعته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، أحمد اسمه ، أهدي به بعد الضلالة ، وأعلم به بعد الجهالة ، وأرفع به بعد الخمالة ، وأشهر به بعد النكرة ، وأكثر به بعد القلة ، وأغني به بعد العيلة ، وأجمع به بعد الفرقة ؛ وأؤلف به قلوباً مختلفة ، وأهواء متشتتة ، وأمما متفرقة ، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، إيماناً بي ، وتوحيداً لي ، وإخلاصاً بي ، يصلون قياماً وقعوداً ، وركعاً وسجوداً ، ويقاتلون في سبيلي صفوفاً وزحوفاً ، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء رضواني ألوفاً . ألهمهم التكبير والتوحيد ، والتسبيح والتحميد ، في مجالسهم ومسيرهم ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم ؛ يكبرون ويهللون ويقدسون على رءوس الأشراف ، ويطهرون لي الوجوه والأطراف ، ويعقدون الثياب إلى الأنصاف ؛ قربانهم دماؤهم ، وأنا جيلهم صدورهم ؛ رهبان بالليل ، ولبث بالنهار . ذلك فضلي أوتيه من أشاء ، وأنا ذو الفضل العظيم .
قال فلما فزع نبيهم شعيا من مقالته عدوا عليه ليقتلوه فهرب منهم فانفلقت له شجرة فدخل فيها ، فأدركه الشيطان فأخذ بهدبة من ثوبه فأراهم إياها ، فوضعوا المنشار في وسطها فنشروها حتى قطعوها وقطعوه في وسطها .