كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 122 """"""
قالوا : لا نحسن القتال ولا نقاتل ، حتى انتفذ مجالس أهل الشام . ثم رجع أمير الطليعة فأخبر الملك بما رأى . وجعل بختنصر يقول لفوارسهم الملك : لو دعاني الملك لأخبرته غير ما أخبره فلان . فرفع ذلك إلى الملك فدعاه ، فقال : إن فلاناً لما رأى أكثر أرض الله كراعاً ورجالاً كسر ذلك في ذرعه ولم يسألهم عن شيء ، وإنني لم أدع مجلساً بالشام إلا جالست أهله فقلت لهم كذا وكذا ، فقالوا لي كذا وكذا . فقال صاحب الطليعة لبختنصر : بصحبتي لك مائة ألف دينار وتنزع عما قلت . قال : لو أعطيتني بيت مال بابل ما نزعت . فضرب الدهر ضربانه فقال الملك : لو بعثنا جريدة خيل إلى الشام ، فإن وجدوا مساغاً ساغوا وإلا استلبوا ما قدروا عليه . قالوا : ما ضرك لو فعلت ؟ قال : فمن ترون ؟ قالوا : فلان . قال : بل الرجل الذي أخبرني بما أخبرني . فدعا بختنصر وأرسله وانتخب معه أربعة آلاف من فرسانهم ، فانطلقوا فجاسوا خلال الديار ، فسبوا ما شاء الله ولم يخربوا ولم يقتلوا . ومات صيحون الملك ، فقالوا : استخلفوا رجلاً ، فقالوا : على رسلكم حتى يأتي أصحابكم فإنهم فرسانكم . فأمهلوا وأخروا ذلك حتى جاء بختنصر بالسبي وما معه ، فقسم ذلك في الناس . فقالوا : ما رأينا أحداً أحق بذلك من هذا فملكوه . قال : وقال السدي بإسناده : إن رجلاً من بني إسرائيل رأى في المنام أن خراب بيت المقدس وهلاك بني إسرائيل على يدي غلام يتيم ابن أرملة من أل بابل يدعى بختنصر ، وكانوا يصدقون فتصدق رؤياهم . فأقبل فسأل عنه حتى نزل على أمه وهو يحتطب . فلما جاء وعلى رأسه الحطب ألق الحزمة ثم قعد في جانب من البيت ،

الصفحة 122