كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
بالخبز ومات ؛ فبكت العجوز ولطمت . فقال لها : إن أحياه الله وجاءك بما تأكلين أتؤمنين بالله ؟ قالت نعم . فدعا الله تعالى ، فقام اليسع وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن إلياس رسول الله ، ورزقهم الله تعالى خبزاً ولبناً ، فأكلوا ، وآمنت العجوز ، وخرجت تنر قومها ، فخنقوها فماتت ، فاغتم اليسع لذلك . فقال له إلياس : إن الله سيحييها ويجعلكما آية لقوكما . وخرج إلياس إلى قومه وقد اجتمعوا عليها يريدون أكلها ؛ فصاح بهم ، فتفرقوا عنها وقالوا : إنك أنت إلياس حقاً ، فدعا الله تعالى فأحياها ، فأقبل القوم عليه وقالوا : ألا ترى ما نحن فيه منذ سبع سنين قال : فهلا دعوتم صنمكم بعلا ليكشف عنكم قالوا : قد دعوناه فلم يغن شيئاً . قال : فإن أغاثكم الله تعالى أتؤمنون ؟ قالوا نعم . فسأل الله تعالى فأمطرهم ، وجرت أنهارهم وأنبتت أرضهم ، وأحيا الله من مات منهم من الجوع ، فازدادوا كفراً وعتواً ، فحذرهم إلياس وأنذرهم وذكرهم بنعمة الله عليهم . فقالوا : إن القحط قد ارتفع عنا وهيهات أن يعود أبداً ، وإن عاد فلا نبالي ، قد جمعنا في منازلنا ما يكفينا زمناً طويلاً . فدعا الله عليهم واعتزلهم ، وقال : قد بلغت الرسالة . وأنك لاحق بالملائكة . فاستخلف اليسع على المؤمنين ؛ فقال اليسع : يا نبي الله ، إني ضعيف بين قوم كافرين . فأوحى الله تعلى إلى اليسع بذلك ، وخرج إلياس عن ديار قومه في يوم جمعة ، فإذا هو بفرس يلتهب نوراً ، وله أجنحة ملونة ، فناداه : أقبل يا نبي الله . فاستوى على ظهره ، وجاءه جبريل فقال : يا إلياس طر مع الملائكة حيث شئت ، فقد كساك الله ريش ، وقطع عنك لذة المطعم والمشرب وجعلك آدمياً ملكياً سماوياً أرضياً .
قال : ونشر الفرس أجنحته فهو يطير مع الملائكة . ثم أرسل الله عز وجل العذاب على قومه ، فأحدقت بهم سحابة من جهنم ، واعتزلهم المؤمنون ، فأحدقت السحابة بالكفرة ، فأمطرت عليهم حجارة من العذاب . قال الله تعلى : " ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء " . قال : ثم انكشفت عن ديارهم وقد صاروا حمماً سوداً ؛ قال الله تعالى : " فكذبوه فإنهم لمحضرون ، إلا عباد الله المخلصين " .

الصفحة 13