كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 17 """"""
ومنع الله تعالى بقدرته الشيطان عن صنمهم فلم يمكنه الولوج في جوفه ، وهم مجتهدون في التضرع إليه ، وهو لا يزداد مع ذلك إلا خموداً . فلما طال عليهم ذلك قالوا لآجاب : إن في ناحية الشام آلهة أخرى ، وهي في العظم مثل إلهك ، فابعث إليها أنبياءك فليشفعوا لك إليها ، فلعلها أن تشفع لك إلى إلهك بعل فإنه غضبان عليك ، ولولا غضبه عليك لقد كان أجابك وشفى لك ابنك . قال آجاب : ومن أجل ماذا غضب علي وأنا أطيعه وأطلب رضاه منذ كنت لم أسخطه ساعة قط ؟ قالوا : من أجل أنك لم تقتل إلياس وفرطت فيه حتى نجا سليماً وهو يعبد غيره ، فذلك الذي أغضبه عليك . قال آجاب : وكيف لي أن أقتل إلياس يومي هذا وأنا مشغول على طلبه بوجع ابني وليس لإلياس مطلب ، ولا يعرف له موضع فيقصد ، فلو عوفي ابني لتفرغت لطلبه ، ولم يكن لي هم ولا شغل غيره حتى آخذه فأقتله فأريح إلهي منه وأرضيه . قال : ثم اندفعت أنبياؤه الأربعمائة ليشفعوا إلى الأرباب التي بالشام ويسألوها أن تشفع إلى ضم الملك ليشفى ابنه ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بحيال الجبل الذي فيه إلياس أوحى الله عز وجل إلى إلياس أن يهبط من الجبل ويعارضهم ويستوقفهم ويكلمهم ، وقال له : لا تخف فإني سأصرف عنك شرهم ، وألقى الرعب في قلوبهم . فنزل إلياس - ع - من الجبل ، فلما لقيهم استوقفهم فوقفوا ، وقال لهم : إن الله عز وجل أرسلني إليكم وإلى من وراءكم ، فاستمعوا أيها القوم رسالة ربكم لتبلغوا صاحبكم ، فارجعوا إليه وقولوا له : إن الله تعالى يقول لك : ألست تعلم يا آجاب أني أنا الله لا إله إلا أنا إله بني إسرائيل الذي خلقهم ورزقهم وأحياهم وأماتهم ، أفجهلك وقلة علمك حملك على أن تشرك بي وتطلب الشفاء لابنك من غيري ممن لا يملكون لأنفسهم شيئاً إلا ما شئت . إني حلفت باسمي لأغيظنك في ابنك ولأميتنه في فوره هذا حتى تعلم أن أحداً لا يملك له شيئاً دوني . فلما قال لهم إلياس هذا رجعوا وقد ملئوا منه رعباً . فلما صاروا إلى الملك قالوا له ذلك ، وأخبروه أن إلياس انحط عليهم ، وهو رجل نحيف طوال قد قشف وقحل وتمعط شعره وتقشر جلده ، عليه

الصفحة 17