كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 170 """"""
فقال لهم : لا ترجعوا إليه ولا تعلموه بمكانه فإنه إنما أراد بذلك ليقتله ، فانصرفوا في طريق آخر . وقال مجاهد : قالت مريم عليها السلام : كنت إذا خلوت أنا وعيسى حدثني وحدثته ، فإذا شغلني عنه شيء سبح في بطني وأنا أسمع .
قالوا : وكان مولد عيسى - ع - بعد مضي اثنتين وأربعين سنة من ملك أغوسطوس ، وخمسين سنة مضت من ملك الأشغانين ملوك الطوائف . وكانت المملكة لملوك الطوائف ، والرياسة بالشام ونواحيها لقيصر ملك الروم ، والملك عليها من قبل قيصر هيرودس ، وقيل في اسمه هرادوس .
ذكر رجوع مريم بعيسى عليه السلام بعد مولده إلى قومها
قال الكسائي : ثم قامت مريم بعد الولادة وحملت عيسى على صدرها حتى أشرفت به على بني إسرائيل وزكريا بينهم . وقال الثعلبي قال الكلبي : احتمل يوسف مريم وعيسى إلى غار فأدخلهما فيه أربعين يوماً حتى تعالت مريم من نفاسها ، ثم جاء بهما فكلمها عيسى في الطريق فقال : يا أماه ، أبشري فإني عبد الله ومسيحه . قال الله تعالى : " فأتت به قومها تحمله " . فلما نظروا إليها بكوا و " قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً " أي عظيماً فظيعاً لا يعرف منك ولا من أهل بيتك ، وكانوا أهل بيت صالحين . " يا أخت هارون " واختلف في سبب قولهم لها " يا أخت هارون " ، فقال الكسائي : ناداها هارون وكان أخاها من أمها ، وهو من أحبار بني إسرائيل وعبادهم ، وقال لها : " ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً " ، فمن أين لك هذا الولد وقال الثعلبي قال قتادة : كان هارون من أفسق بني إسرائيل وأظهرهم فساداً ، فشبهوها به . " فأشارت إليه " أي كلموه . " قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً " ، وضربوا بأيديهم على جباههم تعجباً ، فتنحنح عيسى و " قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً " .

الصفحة 170