كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 171 """"""
قالوا : فلما سمع ذلك أحبار بني إسرائيل علموا أنه لا أب له وأن الله تعالى خلقه كما خلق آدم . فقال زكريا : الحمد لله الذي برأنا بقول عيسى من فساق بني إسرائيل . قالوا : ثم لم يتكلم عيسى بعدها حتى كان بمنزلة غيره من الصبيان . وقيل غير هذا . والله أعلم .
ذكر خروج مريم وعيسى عليهما السلام إلى مصر وما ظهر له من المعجزات في مسيره ومدة مقامه إلى أن عاد
قال الله تعالى : " وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " . اختلف العلماء في الربوة فقال عبد الله بن سلام : هي دمشق . وقال أبو هريرة : هي الرملة . وقال قتادة وكعب : هي بيت المقدس . وقال كعب : هي أقرب الأرض إلى السماء . وقال أبو زيد : هي مصر . وقال الضحاك : هي غوطة دمشق . وقال أبو العالية : هي أيلة . وقال بعض المفسرين : هي قرية من قرى مصر تسمى سدمنت . وسدمنت : بلد من بلاد إقليم الفيوم معروفة مشهورة . وقوله تعالى : " ذات قرار ومعين " القرار : الأرض المستوية . والمعين : الماء الظاهر . وكان سبب خروج مريم إلى مصر ما حكاه الكسائي وغيره من أهل السير قالوا : وبلغ الملك هيرودس خبر عيسى فهم بقتل مريم وابنها ، فخاف زكريا والمؤمنون عليهما من القتل ، وذلك بعد مولد عيسى بأيام قلائل ، فقال زكريا لمريم : إني أخاف عليك وعلى ابنك من هذا الملك ، وأمر يوسف النجار أن ينقلهما إلى أرض مصر ، وأعطاهما أتانا وزودهم ، فسار يوسف بهما نحو مصر .
وكان من المعجزات التي ظهرت على يد عيسى - ع - في مسيره ومقامه بمصر أنه بينما هم سائرون إلى أرض مصر رأى يوسف النجار في بعض الطريق أسداً ففزع منه ، فقال عيسى : قرباني إلى الأسد ولا تقرباه أنتم ، فقربوه ؛ فلما صار بين يدي الأسد قال عيسى : أيها الوحش ، ما وقوفك على قارعة الطريق ؟ قال : لثور