كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 172 """"""
يمر علي لا بدل لي منه . قال عيسى : هذا الثور لقوم مساكين ليس لهم سواءه ، ولكن انطلق إلى برية كذا وكذا ، فإنك سترى جملاً ميتاً فكله ، واترك هذا الثور لأصحابه ، فمضى الأسد نحو الميتة وتركهم . والله أعلم بالصواب .
معجزة أخرى : قال : ثم ساروا ، فرأوا قوماً قد اجتمعوا بالقرب من دار ملك من الملوك . فقال لهم عيسى : ما وقوفكم هاهنا ؟ . قالوا : امض أيها الصبي لشأنك . قال : أتحبون أن أخبركم بوقوفكم ؟ قالوا نعم . قال : إنكم تريدون دخول هذا الدار إذا جن الليل فتأخذون مال هذا الملك ، فلا تفعلوا فإنه مؤمن ، ودلهم على كنز وقال : إنه كان لقوم ماتوا ، فسار أولئك إليه واقتسموا منه مالاً عظيماً .
معجزة أخرى : قال : ثم ساروا حتى دخلوا قرية عامرة وقد اجتمع الناس على باب ملكها ومعهم صنم من حجر وهم يبكون ويسجدون لذلك الصنم . فقال عيسى : ما شأنكم أيها القوم ؟ فقالوا : إن امرأة هذا الملك قد عسر عليها وضع الولد ، وقد أمرنا الملك أن نسجد لهذا الصنم ونسأله أن يخفف عنها ما هي فيه . قال عيسى : اذهبوا إلى الملك وقولوا له : لو وضعت يدي على بطنها يخرج الولد عاجلاً . فأخبروا الملك فقال : ائتوني به ، فأدخلت مريم وعيسى على الملك ، فعجب من نطقه وهو صغير ، وأدخل على المرأة ، فقال عيسى : إن أخبرتك بما في بطنها وخرج كما أقول أتؤمن بربي الذي خلقني من روحه ؟ . قال نعم . قال عيسى : في بطنها غلام على خده خال أسود ، وعلى ظهره شامة بيضاء ، ثم وضع يده على بطن المرأة وقال : أيها الجنين ، بالذي خلق الخلق وأسبغ عليهم سعة الرزق اخرج . فخرج الولد على ما وصفه عيسى فهم الملك أن يؤمن ، فقال وزراؤه : إن هذه المرأة ساحرة ، وهذا الصبي مثلها ، وقد طردوهما من بيت المقدس ، ولم يزالوا به حتى ردوه عن الإيمان . فأرسل الله تعالى على الملك وقومه صاعقة فأهلكتهم . ثم مضى يوسف بها حتى دخلوا مصر ، ونزلت مريم دار دهقان هناك ، ولم يكن لها ما تعيش منه إلا الغزل ، فكانت تغزل الكتان والصوف بالأجرة لأهل مصر ، ويوسف يحتطب ويبع الحطب مدة ليس لهم رزق إلا من ذلك .

الصفحة 172