كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 173 """"""
معجزة أخرى : قال الثعلبي قال وهب : كان أول آية رآها الناس من عيسى أن أمه كانت نازلة في دار دهقان من أهل مصر أنزلها به يوسف النجار حين ذهب بها إلى مصر وكانت داره يأوي إليها المساكين ، فسرق للدهقان مال من خزانته فلم يتهم المساكين ، فحزنت مريم لمصيبة الدهقان . فلما رأى عيسى حزن أمه بمصيبة صاحب ضيافتها قال لها : يا أماه ، أتحبين أن أدله على ماله ؟ قالت : نعم يا بني . قال : قولي له يجمع لي مساكين داره . فقالت مريم ذلك للدهقان ، فجمع له المساكين . فلما اجتمعوا عمد إلى رجلين منهم أحدهما أعمى والآخر مقعد ، فحمل المقعد على عاتق الأعمى وقال له : قم به . فقال الأعمى : أنا أضعف من ذلك . فقال عيسى : وكيف قويت على ذلك البارحة . فلما سمعوه يقول ذلك ضربوا الأعمى حتى قام . فلما استقل قائماً هو المقعد إلى كوة الخزانة . فقال عيسى - ع - : هكذا احتالا على مالك البارحة ، لأن الأعمى استعان بقوته والمقعد بعينيه . فقال المقعد والأعمى : صدق ، فردا على الدهقان ماله . فقال الدهقان لمريم : خذي نصف المال . فقالت : إني لم أخلق لهذا . قال : فأعطه ابنك . قالت : هو أعظم مني شأناً . والله أعلم بالصواب .
معجزة أخرى : قال : ثم لم يلبث الدهقان أن أعرس ابناً له ، فصنع له عيداً فجمع عليه أهل . مصر وكان يطعمهم شهرين . فلما انقضى ذلك زاره قوم من أهل الشام ولم يعلم الدهقان بهم حتى نزلوا به وليس عنده يومئذ شراب . فلما رأى عيسى اهتمامه بذلك دخل بيتاً من بيوت الدهقان فيه جرار ، فأمر عيسى يده على أفواهها وهو يمشي ، فكلما مر بيده على جرة امتلأت شراباً حتى أتى على آخرها ، وهو يومئذ ابن اثنتي عشرة سنة .
معجزة أخرى : قال : وبينا عيسى يلعب مع الصبيان بأرض مصر ، إذ وثب غلام منهم على غلام آخر فقتله . فجاء أهله وتعلقوا بجميع الصبيان وفيهم عيسى وأتوا بهم إلى القاضي . فقال القاضي : من قتل هذا ؟ قالوا : هذا ، وأشاروا إلى عيسى . فقال له القاضي : لم قتلت هذا الغلام ؟ قال : أراك حاكماً جاهلاً ، كان يجب أن تسألني : أقتلته أم لا قال القاضي : أراك ذا عقل ، فما اسمك ؟ قال عيسى بن مريم . قال : يا عيسى ، لم قتلته ؟ قال : يا جاهل ، أبهذا أمرتك ؟ ثم دنا عيسى من الغلام وقال : قم بإذن الله الذي