كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 178 """"""
إلى أن صعد به إلى السماء . وقال سعيد بن جبير وعبيد بن عمير : هو اسم الله الأعظم ، وبه كان يحيي الموتى ويرى الناس تلك العجائب . وقوله : " وإذ علمنك الكتاب " يعني الخط ، " والحكمة " يعني العلم والفهم . " والتوراة والإنجيل " كان يقرؤهما من حفظه . وقوله : " وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني " . قوله : " تخلق " أي تجعل وتصور وتقدر " من الطين كهيئة الطير " أي كصورة الطير . فكان عيسى يصور من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيصير طيراً بإذن الله تعالى . قالوا : ولم يخلق غير الخفاش . وإنما خص بالخفاش لأنها أكمل الطير خلقاً ، فتكون أبلغ في القدرة ، لأن لها ثدياً وأسناناً ، وهي تلد وتحيض وتطهر . قال وهب : كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه ، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتاً ليتميز فعل الخلق من فعل الله تعالى ، وليعلم أن الكمال لله عز وجل . وقوله تعالى : " وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني " . الأكمه : الذي ولد أعمى ولم ير الضوء قط . قالوا : ولم يكن في الإسلام أكمه غير قتادة . والأبرص : الذي به وضح ، وكان الغالب على زمن عيسى الطب ، فأراهم الله تعالى المعجزة من جنس ذلك .
قال أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله : يروى أن عيسى - ع - مر بدير فيه عميان ، فقال : ما هؤلاء فقيل قوم طلبوا للقضاء فطمسوا أعينهم بأيدهم . فقال لهم : ما دعاكم إلى هذا ؟ فقالوا : خفنا عاقبة القضاء فصنعنا بأنفسنا ما ترى . فقال : أنتم العلماء والحكماء والأحبار والأفاضل ، امسحوا بأيديكم أعينكم وقولوا : باسم الله . ففعلوا ذلك فإذا هم جميعاً يبصرون .
ذكر خبر سام بن نوح وغيره الذين أحياهم عيسى بإذن الله عز وجل
قال الكسائي قال وهب : سألت طائفة من بني إسرائيل عيسى بن مريم - ع - أن يحيى لهم سام بن نوح وقالوا : أحي لنا سام بن نوح ليكلمنا وإلا قتلناك ، وإن فعلت آمنا بك واتبعناك . فأوحى الله تعالى إليه : ناده ثلاث مرات فإنه سيجيبك . فقام عيسى على قبره وناداه ثلاث مرات : يا سام بن نوح قم بإذن الله ، فقام