كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 179 """"""
في الثالثة وهو أشمط الرأس واللحية . فقال له عيسى : أهكذا مت أبيض الرأس واللحية ؟ قال : لا ، ولكني سمعت نداءك فخفت أن تكون القيامة فشمطت ، وأخبر القوم بما أرادوه وكلمهم ، ثم رده عيسى إلى قبره ، وما آمن بعيسى منهم إلا قليل .
قالوا : وممن أحياه عيسى بن مريم العازر ، وكان صديقاً له ، فأرسل أخته إلى عيسى إن أخاك العازر يموت فأنه ، وكان بينه وبين أن يصل إليه مسيرة ثلاثة أيام ، فأتاه وهو وأصحابه فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيام ، فقال لأخته : انطلقي بنا إلى قبره ، فانطلقت معهم إلى قبره وهو في صخرة مطبقة . فقال عيسى : اللهم رب السموات السبع والأرضين السبع إنك أرسلتني إلى بني إسرائيل أدعوهم إلى دينك وأخبرتهم أني أحيي الموتى بإذنك فأحي العازر . فقام العازر وأوداجه تقطر . فخرج من قبره وبقي وولد له . قالوا : ومر عيسى - ع - برجل جالس على قبر وكان يكثر المرور به فيجده جالساً عنده ، فقال له : يا عبد الله ، أراك تكثر القعود على هذا القبر . فقال : يا روح الله ، امرأة كانت لي وكان من جمالها وموافقتها كيت وكيت ولي عندها وديعة . فقال عيسى : أتحب أن أدعوا الله تعالى فيحييها ؟ قال نعم . فتوضأ عيسى وصلى ركعتين ودعا الله عز وجل فإذا أسود قد خرج من القبر كأنه جذع محترق . فقال له : ما أنت ؟ قال : يا رسول الله أنا في عذاب منذ أربعمائة سنة ، فلما كانت هذه الساعة قيل لي أجب فأجبت . ثم قال : يا رسول الله ، قد مر علي من أليم العذاب ما إن ردني الله إلى الدنيا أعطيته عهداً ألا أعصيه ، فادع الله لي . فرق له عيسى ودعا الله عز وجل ثم قال له : امض ، فمضى . فقال صاحب القبر : يا رسول الله ، لقد غلطت بالقبر ، إنما قبرها هذا . فدعا عيسى - ع - ، فخرج من ذلك القبر امرأة شابة جميلة . فقال له عيسى : أتعرفها ؟ قال : نعم هذه امرأتي . فدعا عيسى حتى ردها الله عليه . فأخذ الرجل بيدها حتى انتهيا إلى شجرة فنام تحتها ووضع رأسه في حجر المرأة . فمر بهما ابن ملك فنظر إليها ونظرت إليه وأعجب كل واحد منهما بصاحبه ، فأشار إليها فوضع رأس زوجها على الشجرة واتبعت ابن الملك . فاستيقظ زوجها ففقدها وطلبها فدل عليها ، فأدركها وتعلق بها وقال : امرأتي ، وقال الفتى : جاريتي . فبينما هم كذلك إذ طلع عيسى فقال الرجل : هذا عيسى وقص عليه القصة . فقال لها

الصفحة 179