كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 182 """"""
ذكر خبر يجمع عدة معجزات من معجزات عيسى عليه السلام
حكى أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله قال وهب : خرج عيسى - ع - يسيح في الأرض ، فصحبه يهودي ، وكان مع اليهودي رغيفان ، ومع عيسى رغيف . فقال له عيسى : تشاركني في طعامك ؟ قال اليهودي نعم . فلما رأى اليهودي أن عيسى ليس معه إلا رغيف واحد ندم . فقام عيسى إلى الصلاة فأكل اليهودي رغيفاً . فلما قضى عيسى صلاته قدما طعامهما ، فقال عيسى لليهودي : أين الرغيف الآخر ؟ فقال : ما كان إلا رغيف واحد ، فأكل عيسى رغيفاً وصاحبه رغيفاً ، ثم انطلقا فجاءا إلى شجرة ، فقال عيسى لصاحبه : لو أننا بتنا تحت هذه الشجرة . فناما ثم أصبحا . فانطلقا فلقيا أعمى ، فقال له عيسى : أرأيت إن عالجتك حتى رد الله عليك بصرك هل تشكره ؟ قال نعم . فمس عيسى - ع - بصره ودعا الله تعالى فإذا هو صحيح . فقال عيسى لليهودي : بالذي أراك الأعمى بصيراً كم كان معك من رغيف ؟ فقال : والله ما كان إلا رغيف واحد ، فسكت عيسى عنه . ومرا فإذا هما بمقعد ، فقال له عيسى : أرأيت إن عالجتك فعافاك الله تعالى هل تشكره ؟ قال بلى . فدعا الله عيسى فإذا هو صحيح قائم على رجليه . فقال صاحب عيسى : ما رأيت مثل هذا قط . فقال عيسى : بالذي أراك الأعمى بصيراً والمقعد صحيحاً ، من صاحب الرغيف الثالث ؟ فحلف له اليهودي ما كان معه إلا رغيف واحد ، فسكت عيسى . وانطلقا حتى انتهيا إلى نهر عجاج جرار ، فقال عيسى : لا أرى جسراً ولا سفينة ، فخذ بحجزتي من ورائي وضع قدمك موضع قدمي ، ففعل ومشيا على الماء . فقال له عيسى : بالذي أراك الأعمى بصيراً والمقعد صحيحاً وسخر لك هذا البحر حتى مشيت عليه ، من صاحب الرغيف الآخر ؟ فقال : لا والله ما كان إلا رغيف واحد ، فسكت عيسى . وانطلقا فإذا هما بظباء يرعين ، فدعا عيسى بظبي فأتاه فذبحه وشوى منه بعضاً وأكلاه ، ثم ضرب عيسى بقية الظبي بعصاه وقال : قم بإذن الله عز وجل فإذا الظبي يعدو . فقال الرجل : سبحان الله . فقال عيسى : بالذي أراك هذه الآية ، من صاحب الرغيف الآخر ؟ فقال : ما كان إلا رغيف واحد . فانطلقا فمرا بصاحب بقر ، فنادى عيسى : يا صاحب البقر ، اجزر لنا من بقرك هذه عجلاً . قال : ابعث صاحبك يأخذه . فانطلق اليهودي فجاء به ، فذبحه وشواه وصاحب البقر ينظر إليه . فقال له عيسى : كل ولا تكسر له عظماً ، ففعل . فلما

الصفحة 182