كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 185 """"""
الأضحى عيد ، لأنهما يعودان كل سنة . وقوله : " لأولنا وآخرنا " . قال الثعلبي : يعني لأهل زماننا ولمن يجيء من بعدنا . وقرأ زيد بن ثابت : " لأولانا وأخرانا " وقال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني يأكل منها آخر الناس كما يأكل أولهم . " وآية منك " دلالة وحجة . قال الله عز وجل مجيباً لعيسى - ع - : " إني منزلها عليكم " . وقرأ أهل الشام وقتادة وعاصم " منزِّلها " بالتشديد لأنها نزلت مرات ، والتفعيل يدل على التكثير مرة بعد مرة . وقال تعالى : " فمن يكفر بعد منك " أي يكفر بعد نزول المائدة " فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين " أي عالمي زمانهم . قال : فجحد القوم وكفروا بعد نزول المائدة فمسخوا قردة وخنازير . قال الثعلبي : واختلف العلماء في المائدة ، هل نزلت أم لا ؟ فقال مجاهد : ما نزلت مائدة ، وهذا مثل ضرب . وقال الحسن : والله ما نزلت المائدة ، إن القوم لما سمعوا الشرط وقيل لهم : " فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين " . استعفوا وقالوا : لا نريدها ولا حاجة لنا فيها ، فلم تنزل . قال أبو إسحاق الثعلبي : والصواب أنها نزلت ، لقوله عز وجل : " إني منزلها عليكم " ولا يقع في خبره الخلف ولتواتر الأخبار عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والصحابة والتابعين رضوان الله عليهم وغيرهم من علماء الدين في نزولها . قال كعب : أنزلت يوم الأحد ، فلذلك اتخذه النصارى عيداً . واختلفوا في صفتها وكيفية نزولها ، فحكى الكسائي عن وهب قال : أنزل الله تعالى على عيسى مكتلاً فيه ثلاث سمكات مشويات ليس لها شوك ولا قشر وثلاثة أرغفة ، والملائكة تحملها حتى وضعوها بين يدي عيسى . قال : وقد قيل : إن المائدة كانت سفرة من الأدم الأحمر ، وكان فيها سمكة واحدة مشوية وحولها الخضر والبقول ، وعند رأسها خل ، وعند ذنبها ملح وخمسة أرغفة على كل منها زيتون ، وخمس رمانات وممرات . وقال الثعلبي في تفسيره : روى قتادة عن خلاس بن

الصفحة 185