كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 186 """"""
عمرو عن عمار بن ياسرعن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " نزلت المائدة خبزاً ولحماً " وذلك أنهم سألوا عيسى طعاماً يأكلون منه لا ينفد ، فقيل لهم : إنها مقيمة لكم ما لم تخونوا أو تخبوا أو ترفعوا ، فإن فعلتم ذلك عذبتم . قال : فما مضى يومهم حتى خبئوا ورفعوا وخانوا . وقال إسحاق بن عبد الله : إن بعضهم سرق منها وقال : لعلها لا تنزل أبداً ، فرفعت ومسخوا قردة وخنازير . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إن عيسى بن مريم - ع - قال لبني إسرائيل : " صوموا ثلاثين يوماً ثم سلوا الله تعالى ما شئتم يعطكم " . فصاموا ثلاثين يوماً ، فلما فرغوا قالوا : يا عيسى ، إنا لو عملنا لأحد فقضينا عمله لأطعمنا طعاماً ، وإنا قد صمنا وجعنا ، فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء ففعل . فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها ، عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات حتى وضعتها بين أيديهم ، فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم . وروي عطاء بن السائب عن راذان وميسرة قالا : كانت المائدة إذا وضعت لبني إسرائيل اختلفت عليهم الأيدي من السماء بكل طعام إلا اللحم . وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم : أنزل على المائدة كل شيء إلا الخبز واللحم . قال عطاء : أنزل عليها كل شيء . وقال عمار وقتادة : كانت مائدة تنزل من السماء وعليها ثمر من ثمار الجنة . وقال وهب بن منبه : أنزل الله تعالى أقرصة من شعير وحيتاناً . فقيل لوهب : ما كان ذلك يغني عنهم ؟ قال : لا شيء ، ولكن الله أضعف لهم البركة ، فكان قوم يأكلون ويخرجون ويجيء الآخرون فيأكلون ويخرجون ، حتى أكلوا بأجمعهم وفضل . وقال الكلبي ومقاتل : استجاب الله تعالى لعيسى عليه السام فقال : إني منزلها عليكم كما سألتم ، فمن أكل من ذلك الطعام ثم لم يؤمن جعلته مثلاً ولعنة لمن بعدهم ، قالوا : قد رضينا . فدعا شمعون الصفا وكان أفضل الحواريين فقال : هل معك طعام ؟ قال : نعم معي سمكتان وسبعة أرغفة . قال : قدمها . فقطعهن عيسى - ع - قطعاً

الصفحة 186