كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 189 """"""
وهم ينظرون إلى ظلها حتى تتوارى عنهم . وكانت تنزل غباً ، تنزل يوماً ولا تنزل يوماً كناقة صالح . وأوحى الله عز وجل إلى عيسى أن اجعل مائدتي ورزقي للفقراء دون الأغنياء ، فعظم ذلك على الأغنياء حتى شكوا وشككوا الناس فيها وقالوا : أترون المائدة حقاً نزلت من السماء فقال عيسى : هلكتم تجهزوا لعذاب الله . فأوحى الله تعالى إلى عيسى - ع - : إني شرطت على المكذبين شرطاً أن من كفر بعد نزولها عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين . فقال عيسى : إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " . فمسخ منهم ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون رجلاً . وقال الكسائي عن وهب : مسخ منهم خمسة آلاف وخمسمائة ، فباتوا على فرشهم مع نسائهم في ديارهم ، فأصبحوا خنازير يسعون في الطرقات والكناسات ويأكلون العذرة . فلما رأى الناس ذلك فزعوا إلى عيسى - ع - ، وبكى على الممسوخين أهلوهم . ولما أبصرت الخنازير عيسى - ع - بكت وجعلت تطيف به وجعل عيسى يدعوهم بأسمائهم واحداً واحداً فيبكون ويشيرون برءوسهم ولا يقدرون على الكلام ، فعاشوا ثلاثة أيام ثم هلكوا . وهؤلاء الذين لعنوا على لسان عيسى كما قال تعالى : " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم " الآية .
ذكر ما قالته الشياطين الثلاثة في عيسى بن مريم واتبعهم الناس بعدهم
قال الكسائي قال وهب : جاء إبليس إلى عيسى - ع - هو وأصحاب له على صور رجال ذوي هيئة وشيبة وعيسى يقول لبني إسرائيل : " قد جئتكم بآية من ربكم " الآية . فقال إبليس : هذا الله عز وجل يأيها الناس فانظروا إليه ، فإنه نزل إليكم ليريكم قدرته . فقال أحد أصحاب إبليس : بئسما قلت يا شيخ أخطأت وجرت وقلت قولاً عظيماً ، أتزعم أن الله يتجلى لخلقه لينظروا إلى قدرته وهل ينبغي لخلقه أن ينظروا إليه أو يسمعوا كلامه أو يقوموا لرؤيته لا ، ولكنه ابن الله وليس هو

الصفحة 189