كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 199 """"""
فقيل له : ادخل الجنة " قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين " .
ذكر خبر توما الحواري مع ملك الهند وإيمانه به
قال الكسائي قال وهب : وجاء توما إلى أرض الهند والسند . فبينما هو يتردد على ساحلهم إذا هو بغلام لملك الهند يقال له حيان ، وكان تاجراً . فأتاه توما فقال له : هل لك أن تبتاعني للملك ؟ فقال له حيان : من أنت أيها الرجل الكريم ؟ . قال له توما : إني كنت عبداً مملوكاً فاعتقني سيدي وأمرني بالطلب لنفسي ، فلم أصادف من الحرية ما كنت أظن ، وكان حالي يوم كنت عبداً خير منه اليوم وأحسن . فقال له حيان : ما أرى عليك ميسم العبودية ، وإني لأرى عليك أثر الخير ، ثم قال له : ما الذي تحسن من الأعمال ؟ قال : أعمل سائر الأعمال . فاشتراه بثلاثمائة مثقال من الذهب وانطلق به إلى الملك . فلما رآه أجله وعظمه ، وسأل التاجر عنه فأخبره أنه اشتراه على أن يعمل سائر الأعمال . فقال له الملك : أريد أن تبني لي قصراً لم يعمل مثله لأحد قط . قال توما : لك ذلك علي ، ولكن أرضك حارة ، وإذا بني في زمن الحر كان حاراً لا يسكن من حره ، وكذلك في زمن البرد يكون بارداً ، وإني لأرى أن يعمل في زمن الاعتدال ، فوافقه الملك على رأيه ، . وعرض للملك غزاة فخرج إليها واستخلف أخاه على الملك ، وأمره أن يدفع لتوما ما يحتاج إليه من الأموال للنفقة على القصر ، فصرف له أموالاً كثيرة ، ففرقها توما في الفقراء والمساكين حتى أغناهم ، ثم مرض أخو الملك مرضاً شديداً وغاب عن حسه وحركته سبعة أيام . فقدم الملك وهو على تلك الحال ، فلما رد الله عليه روحه قال الملك لتوما : ما فعلت في القصر ؟ قال : قد فرغت منه . فقال الملك لأخيه : ما الذي أعطيته من مالي ؟ قال : جميع ما في بيت مالك . قال : فهل رأيت القصر ؟ قال : بنيته لك في السماء . قال : وكيف لي بسلم أنال به السماء ؟ قال : تنال السماء بالسلم الذي نالها به أخوك . فقال له أخوه : اسمع مني أيها الملك أخبرك بالعجب ؛ فإنك لو . . . لم ما أ . . . ل عليك هذا الرجل من الخير وصرف عنك من الشر لقبلت قدميه وجعلته فوق رأسك . قال : أخبرني خبره . قال : أخبرك أن الله عز وجل عرج بوحي ، فعرضني على النار فرأيت أمر عظيماً مهولاً ووصفه

الصفحة 199