كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 200 """"""
لأخيه ، ووصف له ما يعذب به أهل الشرك باله وعبدة الأوثان . قال : ثم قيل لي : إن الله عرضك على النار فأراك ما رأيت لتكون ملن خلفك نذيراً ، وسيريك الجنة ، لتبشر بها قومك ، ولتخبر من خلقك بما رأيت . قال : فأدخلت الجنة فرأيت كذا وكذا ، ووصف الجنة ونعيمها وما فيها . قال : وانتهيت إلى قصر عظيم من أعظم قصورها وأبوابه مغلقة ، فقلت لخزنة الجنة : إني أحب أن أشاهد باطن هذا القصر فإني لم أر مثله . قالوا : إن صاحبه الآن في الدنيا ومفاتيحه عند ملك من الملائكة . قلت : فلمن ادخر هذا القصر ؟ قالوا : هذا لأخيك فلان وهو الآن في الدنيا ، وعنده رسول من عند الله يقال له توما الجواري من حواريى عيسى بن مريم . فإذا رجعت إليه فبشره وأخبره أنه القصر الذي بناه له توما في السماء ، وأنفق فيه بيت ماله . ثم رد الله بعد ذلك على روحي ، وأنت تعلم يا أخي أن لي شطر مالك وملكك وخزائنك ، وتعلم ما لي بعد ذلك من الأموال والخزائن ، وأنا أعطيك جميع ذلك على أن تعطيني قصرك الذي رأيته لك في الجنة . قال : يا أخي ، ما كنت لأعطيك الباقي بالفاني . ثم أقبل على توما وآمن به هو وأهل مملكته ، ولم تزل تلك الأمة على دين عيسى حتى أبادها الموت .
ذكر خبر لوقا الحواري مع ملك فارس
قال : وأصبح لوقا على باب مدينة من مدائن فارس ، وهي التي يسكنها الملك ، فإذا غلمان من أبناء الملوك وأبناء الوزراء جلوس على قارعة الطريق يلعبون . فجلس الحواري إلى جانب غلام منهم وسأله كيف يلعب ، فغلب جميع أولئك . فلما تفرقوا دعاه الغلام إلى منزله ، فقال له : اذهب إلى أبيك واستأذنه في ذلك . فانطلق الغلام إلى أبيه وأخبره بخبر الشيخ ، فأذن له أن يأتيه به ، فرجع إليه ، وقال له : إن أبي يدعوك ، فأقبل معه . فلما ولج باب الدار قال : باسم الله ، فخرج كل شيطان في الدار ، وصاحب الدار ينظر إلى ذلك ، وكانت الشياطين تظهر لهم وتشاركهم في طعامهم وشرابهم ، فعجب صاحب الدار من ذلك . وقدم الطعام فأقبلت الشياطين لتأكل على عادتها ، فقال لوقا : باسم الله ، فنفرت الشياطين وفرت من الدار . فقال الشيخ : قد رأيت منك اليوم ما لم أره من أحد ، وإن لك لشأناً ، وخلا به وقال : لا بد أن تخبرني خبرك ولا تكتمني أمرك . قال : على أن تكتمه ولا تذكره إلا أن آذن لك ، قال نعم . فاستوثق منه وأخبره بخبره . ثم قال له لوقا : أخبرني أي مال الملك أحب