كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 201 """"""
إليه وأعجب عنده ؟ قال : ما شيء من ماله أحب إليه وأعجب عنده من برذون حتى يركبه من سريره . ثم أقام مدة ، فقدم البرذون إلى الملك ليركبه على عادته ، فلما صار إلى جانب السرير خر ميتاً ، فشق ذلك على الملك وآلمه وقال : وددت لو فديته بمال عظيم ، وحزن جلساء الملك وخواصه لحزنه . قال : وجاء الرجل إلى لوقا وقد حزن لحزن الملك ، فسأله عن سبب حزنه فذكر له قصة البرذون ، فقال له : ارجع إلى الملك وقل له : إني أحييه له إن أطاعني فيما أقول . فرجع إلى الملك وأخبره بذلك ، وقال : إن هذا الرجل لما عبر إلى منزلي نفرت منه الشياطين ولم تطعم من طعامنا ، وكانت تأكل معنا قبل ذلك وتشرب كما علمت ، وقد قال : إن أطاعني الملك أحييت له برذونه . فقال الملك : إن نفسي لتطيب بكل شيء أحيي به هذا البرذون ، فعلي بالرجل ، فأحضره إلى الملك . فلما دخل الدار لم يبق بها شيطان إلا خرج . ثم جلس لوقا إلى جانب الملك ، فقال له : بلغني أنك تحيي الموتى ، فأحي لي برذوني هذا . فقال له : إن أطعتني فيما أقول لك أحي برذونك . قال الملك : مرني بما شئت . قال : ادع ابنك وامرأتك ، وكان ابنه ولي عهده وامرأته منه بمكان ، فدعاهما ، فأخذ لوقا بقائمة من قوائم البرذون ، وكل من الملك وابنه وامرأته بقائمة ، قم قال الحواري بالفارسية : " اللهم رب السموات والأرض ، خالق السموات والأرض وما فيهما لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، أحي هذا العضو الذي في يدي " فتحرك ذلك العضو . ثم قال للملك : قل كما قلت ، فقال الملك مثل قوله : فتحرك العضو الذي في يده . ثم قال لابنه : قل كما أقول ، فقال فتحرك العضو الثالث ، ثم قال لامرأته : قولي كما قلت ، فدعت بدعائه ، فتحرك العضو الذي في يدها . ثم قال لهم : قولوا جميعاً كما أقول ، فقالوا كلهم : " اللهم رب السموات والأرض خالق السموات والأرض وما فيهما لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أحي هذا البرذون " . فقام البرذون حياً ينفض ناصيته . فعجب الملك والناس من ذلك . وسأله الملك عن خبره فأخبره أنه رسول عيسى بن مريم إليه وإلى قومه يدعوهم إلى عبادة الله تعالى ، فآمنوا به . وقد قيل : إن الذي أرسل إلى أرض فارس متى الحواري ، وإنه لما دخل على الملك كان الملك سكراناً ، فلما أحيا الفرس أمر الملك أصحابه بقتل متى فقتلوه . فلما أفاق الملك من سكره سأل عنه فقيل له : إنك أمرت بقتله فقتلناه ، فقال : ما علمت بذلك . فقاموا إليه

الصفحة 201