كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 203 """"""
وإليه أصير . فقال له الملك : لو كان ربك الذي تزعم كما تقول لرئي عليك أثره كما رئى أثري على من حولي وفي طاعتي . فأجابه جرجيس بتحميد الله وتعظيم أمره وقال : أتعدل أفلون الأصم الأبكم الذي لا يغني عنك شيئاً برب العالمين الذي قامت السموات والأرض بأمره . أو تعدل طرفلينا وما نال بولايتك فإنه عظيم قومك بما نال إلياس بولاية الله تعالى ؛ فإن إلياس كان في بدء أمره آدمياً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق فلم تزل به كرامة الله تعالى حتى أنبت له الريش وألبسه النور فعاد إنسياً ملكياً سماوياً أرضياً يطير مع الملائكة أم تعدل مخلنطيس وما نال بولايتك فإنه عظيم قومك ، بالمسيح بن مريم وما نال بولاية الله تعالى فإن الله فضله على رجال العالمين وجعله وأمه آية للمعتبرين أم تعدل أمر هذه الروح الطيبة التي اختارها الله لكلمته وسودها على إمائه وما نالت بولاية الله تعالى ، بأزبيل وما نالت بولايتك فإنها كانت من شيعتك وعلى ملتك ، فاسلمها الله مع عظم ملكها حتى اقتحمت عليها الكلاب في بيتها فانتهشت لحمها وولغت في دمها ، وقطعت الضباع أوصالها . فقال الملك : إنك لتحدثنا عن أشياء ليس لنا بها علم ؛ فأتني بالرجلين اللذين ذكرت أمرهما حتى أنظر إليهما ، فإني أنكر أن يكون هذا من البشر . قال له جرجيس : إنما جاءك الإنكار من قبل الغرة بالله تعالى . وأما الرجلان فلن تراهما ولا يريانك إلا أن تعمل بعملهما فتنزل منازلهما . فقال له الملك : أما نحن فقد أعذرنا إليك وتبين لنا كذبك لأنك فخرت بأمور عجزت عنها . ثم خيره الملك بين العذاب وبين السجود لأفلون . فقال جرجيس : إن كان أفلون هو الذي رفع السماء ووضع الأرض فقد أصبت ، وإلا فاخسأ أيها النجس الملعون . فلما سمعه الملك غضب وسبه وسب إلهه وأمر بخشبة فنصبت له وجعل عليها أمشاط الحديد فخدش بها جسده حتى تقطع لحمه وجلده وعروقه ، ونضح خلال ذلك الخل والخردل ، فحفظه الله تعالى من ذلك الألم والهلاك . فلما رأى ذلك لم يقتله أمر بستة مسامير من حديد فأحميت ، حتى إذا جعلت ناراً سمر بها رأسه حتى سال دماغه ، فحفظه الله من الألم والهلاك . فلما رأى ذلك لم يقتله أمر بحوض من نحاس وأوقد عليه حتى إذا جعله ناراً أمر به فأدخل في

الصفحة 203