كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 204 """"""
جوفه وأطبق عليه فلم يزل فيه حتى برد حره . فلما رأى أن ذلك لم يقتله دعا به فقال : يا جرجيس ، أما تجد ألم هذا العذاب الذي تعذب به ؟ فقال : إن ربي الذي أخبرتك به حمل عني ألم العذاب وصبرني لأحتج عليك . فلما قال له ذلك أيقن الملك بالشر وخافه على نفسه وملكه ، واجتمع رأيه أن يخلده في السجن . فقال له الملأ من قومه : إنك إن تركته طليقاً في السجن يكلم الناس يوشك أن يميل بهم عليك ، ولكن مر له بعذاب في السجن يشغله عن كلام الناس . فأمر به فبطح في السجن على وجهه ثم أوتد له في يديه ورجليه أربعة أوتاد من حديد في كل ركن منها وتد . ثم أمر بأسطوان من رخام فوضع على ظهره ، وحمل ذلك الأسطوان ثمانية عشر رجلاً ، فظل يومه ذلك موتداً تحت الحجر . فلما أدركه الليل أرسل الله تعالى إليه ملكاً فقلع عنه الحجر ونزع الأوتاد وأطعمه وسقاه وبشره وعزاه . فلما أصبح أخرجه من السجن وقال له : الحق بعدوك فجاهده في الله حق جهاده ، فإن الله يقول لك : أبشر واصبر فإني قد ابتليتك بعدوك هذا سبع سنين يعذبك ويقتلك فيهن أربع مرات ، في كل ذلك أرد إليك روحك ، فإذا كانت الرابعة تقبلت روحك وأوفيتك أجرك . قال : فلم يشعر