كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 21 """"""
طلب إلياس ، فلم تزل ترقى الجبال وتطوف فيها حتى عثرت عليه ووجدته ، فقالت : إني قد فجعت بموت ابني بعدك ، فعظمت فيه مصيبتي ، واشتد لفقده بلائي ، وليس لي ولد غيره ، فارحمني وادع ربك جل جلاله فيحي لي ابني ، ويجبر مصيبتي ، وإني قد تركته مسجى لم أدفنه ، وإني قد أخفيت مكانه . فقال لها إلياس : ليس هذا مما أمرت به ، وإنما أنا عبد مأمور أعمل بما يأمرني به ربي ، ولم يأمرني بهذا . فجزعت المرأة وتضرعت ، فعطف الله سبحانه وتعالى قلب إلياس عليها ، فقال لها : ومتى مات ابنك ؟ قالت : منذ سبعة أيام . فانطلق إلياس معها وسار سبعة أيام أخرى حتى انتهى إلى منزلها فوجد ابنها يونس ميتاً منذ أربعة عشر يوماً ، فتوضأ وصلى ودعا الله فأحيا الله تعالى يونس بن متى بدعوة إلياس . فلما عاش وجلس وثب إلياس وانصرف وعاد إلى موضعه . والله أعلم .
ذكر دعاء إلياس على قومه ، وما حل بهم من القحط وخبر اليسع حين اتبع إلياس
قال : ولما طال عصيان قومه ضاق إلياس بذلك درعاً وأجهده البلاء ، فأوحى الله تعالى إليه بعد سبع سنين وهو خائف مجهود : يا إلياس ، ما هذا الحزن والجزع الذي أنت فيه ألست أمين على وحيي ، وحجتي في أرضي ، وصفوتي من خلقي فسلني أعطك فإني ذو الرحمة الواسعة والفضل العظيم . قال : تميتني فتلحقني بآبائي ، فإني قد مللت بني إسرائيل وملوني ، وأبغضتهم فيك وأبغضوني . فأوحى الله تعالى إليه : يا إلياس ، ما هذا باليوم الذي أعرى منك الأرض وأهلها ، وإنما قوامها وصلاحها بك وبأشباهك إن كنتم صبرتم قليلاً ، ولكن تسألني فأعطيك قال إلياس : فإن لم تمتني يا إلهي فأعطني ثأري من بني إسرائيل . قال الله تعالى وأي شيء تريد أن أعطيك يا إلياس ؟ قال : تمكنني من خزائن السماء سبع سنين ، فلا تنشئ عليهم سحابة إلا بدعوتي ، ولا تمطر عليهم سبع سنين قطرة إلا بشفاعتي ، فإنهم لا يذلهم إلا ذلك . قال الله تعالى : يا إلياس ، أنا أرحم بخلقي من ذلك وإن كانوا ظالمين . قال : ست سنين . قال : أنا أرحم بخلقي من ذلك وإن كانوا ظالمين . قال : فخمس سنين . قال : أنا أرحم بخلقي من ذلك وإن كانوا ظالمين ، ولكني أعطيك ثلاث سنين

الصفحة 21