كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 22 """"""
أجعل خزائن المطر بيدك ، فلا تنشأ عليهم سحابة إلا بدعوتك ، ولا تنزل عليهم قطرة إلا بشفاعتك . قال إلياس : فبأي شيء أعيش ؟ قال : أسخر جيشاً من الطير تنقل إليك طعامك وشرابك من الريف والأرض التي لم تقحط . قال إلياس : قد رضيت . قال : فأمسك الله عز وجل عنهم المطر حتى هلكت الماشية والدواب والهوام والشجر وجهد الناس جهداً شديداً وإلياس على حالته مستخف من قومه يوضع له الرزق حيثما كان ، وقد عرفه بذلك قومه ، فكانوا إذا وجدوا ريح الخبز في بيت قالوا : لقد دخل إلياس هذا البيت وطلبوه ، ولقي أهل ذلك المنزل منهم شراً .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أصاب بني إسرائيل ثلاث سنين القحط ، فمر إلياس - ع - بعجوز فقال لها : هل عندك طعام ؟ قالت : نعم ، شيء من دقيق وزيت قليل . فجاءته بشيء من الدقيق والزيت ، فدعا فيهما بالبركة ومسهما ، فبارك الله في ذلك حتى ملأت جربها دقيقاً وملأت خوابيها زيتاً . فلما رأوا ذلك عندها قالوا : من أين لك هذا ؟ قالت : مر بي رجل من حاله كذا وكذا ، فوصفت صفته ، فعرفوه وقالوا : ذلك إلياس ؛ فطلبوه فوجدوه فهرب منهم .
ثم أوى ليلة إلى بيت امرأة من بني إسرائيل لها ابن يقال له : اليسع ابن أخطوب به ضر ، فآوته وأخفت أمره ، فدعا له فعوفي من الضر الذي كان به ، واتبع اليسع إلياس وآمن به وصدقه ولزمه ، وكان يذهب به حيثما ذهب ، وكان إلياس قد أسن وكبر ، وكان اليسع غلاماً شاباً .
ذكر رفع البلاء عن قوم إلياس بدعوته واستمرارهم على الكفر ورفع إلياس وهلاك آجاب الملك وامرأته ، ونبوة اليسع
قال : ثم أوحى الله تعالى إلى إلياس - ع - إنك قد أهلكت كثيراً من الخلق ممن لم يعص سوى بني إسرائيل من البهائم والدواب والطير والهوأم والشجر بحبس المطر عن بني إسرائيل . فيزعمون - والله أعلم - أن إلياس قال : يا رب دعني أكن الذي أدعو لهم وآتيهم بالفرج مما هم فيه من البلاء الذي أصابهم لعلهم أن

الصفحة 22