كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 23 """"""
يرجعوا وينزعوا عما هم عليه من عبادة غيرك . قيل له : نعم . فجاء إلياس - ع - إلى بني إسرائيل فقال لهم : إنكم قد هلكتم جوعاً وجهداً ، وهلكت البهائم والدواب والطير والهوام والشجر بخطاياكم ، وإنكم على باطل وغرور . فإن كنتم تحبون أن تعلموا ذلك فاخرجوا بأصنامكم هذه ، فإن استجابت لكم فذلك كما تقولون ، وإن هي لم تفعل علمتم أنكم على باطل فنزعتم ، ودعوت الله عز وجل ففرج عنكم ما أنتم فيه من البلاء . وقالوا : أنصفت . فخرجوا بأوثانهم فدعوها فلم تستجب لهم ، ولم تفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء . ثم قالوا لإلياس يا إلياس ، إن الله قد أهلكنا ، فادع الله لنا . فدعا الله تعالى ومعه اليسع بالفرج مما هم فيه وأن يسقوا ، فخرجت سحابة مثل الترس على ظهر البحر وهم ينظرون ، فأقبلت نحوهم وطبقت الآفاق ، ثم أرسل الله تعالى عليهم المطر فأغاثهم وحييت بلادهم .
فلما كشف الله تعالى عنهم الضر نقضوا العهد ولم ينزعوا عن كفرهم . ولم يقلعوا عن ضلالتهم ، وأقاموا على أخبث ما كانوا عليه . فلما رأى إلياس - ع - ذلك دعا الله تعالى أن يريحه منهم ؛ فقيل له - كما يزعمون - : أنظر يوم كذا وكذا فاخرج فيه إلى موضع كذا ، فما جاءك من شيء فاركبه ولا تهبه . فخرج إلياس ومعه اليسع بن أخطوب ، حتى إذا كانا بالموضع الذي أمر إلياس به ، أقبل فرس من نار حتى وقف بين يديه ، فوثب عليه إلياس ، فانطلق الفرس به ، فناداه اليسع ، يا إلياس : ما تأمرني ؟ فقذف إليه إلياس بكسائه من الجو الأعلى ، وكان ذلك علامة استخلافه إياه على بني إسرائيل ، فكان ذلك آخر العهد به . ورفع الله عز وجل إلياس من بين أظهرهم ، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب ، وكساه الريش ، فكان إنسياً ملكياً أرضياً سماوياً ، وسلط الله على آجاب الملك وقومه عدوا لهم فقصدهم من حيث لم يشعروا به حتى رهقهم ، فقتل آجاب وامرأته أرايل في بستان مزدكى ، فلم تزل جيفتاهما ملقاتين في تلك الجنينة حتى بليت لحومهما ورمت عظامهما .