كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 234 """"""
يده في قرنيها من شرقها وغربها ، فقص رؤياه على قومه فسموه ذا القرنين ، وهذا القول مروي عن وهب . وقيل : إنما سمي به لأن الله تعالى كان قد بعثه إلى قوم فضربوه على قرنه فمات ، فأحياه الله ثم بعثه إليهم فضربوه على قرنه الآخر فمات ، ثم أحياه الله ، فسمي ذا القرنين . وقيل : إنما سمي بذلك لأنه أفنى قرنين من الناس . وقيل : لأنه كريم الطرفين من أهل بيت شرف من قبل أبيه وأمه . وقيل : لأنه أعطى علم الظاهر والباطن وقيل : لأنه دخل الظلمة والنور . وقيل : لأنه ملك فارس والروم . وقيل غير ذلك . والله تعالى أعلم .
قال وهب : كان ذو القرنين رجلاً من أهل الإسكندرية يقال له الإسكندروس . والعجب كونه نسبه أنه من أهل الإسكندرية ، وقد نقل جماعة من أهل التاريخ أن الإسكندر هو الذي أنشأ الإسكندرية وبناها ، فكيف يكون من أهلها وهو الذي أنشأها وإليه نسبت . وروي عن وهب أيضاً أن ذا القرنين كان خارجياً في قومه ، ولم يكن بأفضلهم نسباً ولا حسباً ولا موضعاً ، ثم قال بعد ذلك : إن الله تعالى بعثه نبياً ورسولاً . ولا يكون الأنبياء إلا من أفضل قومهم حسباً وأشرفهم نسباً . وقد يكون هذا النقل لاختلاف الروايات . وما آفة الأخبار إلا رواتها . قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي في تفسيره عن ابن إسحاق قال حدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علم : أن ذا القرنين كان رجلاً من أهل مصر ، اسمه مرزبان بن مرذبة اليوناني من ولد يونان بن يافث ابن نوح . قال وقال ابن هشام : اسمه الإسكندر ، وهو الذي بنى الإسكندرية ، فنسبت إليه . قال وقيل : اسمه هرمس ، ويقال هرديس . وقال ابن هشام : هو الصعب بن ذي يزن الحميري . وقال وهب : هو رومي . وقيل : إنه أفريدون الذي قتل بيوراسب بن أرونداسب الملك الفارسي .

الصفحة 234