كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 239 """"""
وليس لله خلق ينمون نماءهم ولا يزدادون كزيادتهم . فإن أتت مدة على ما نرى من نمائهم وزيادتهم فلا شك أنهم سيملئون الأرض ويخلون أهلها منها ويظهرون عليها فيفسدون فيها . وليست تمر بنا سنة منذ جاورناهم إلا ونحن نتوقعهم في أن يطلع علينا أولهم من بين هذين الجبلين . قال الشيخ عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي في كتابه عن وهب بن منبه : إن يأجوج ومأجوج أجفلوا في زمن ذي القرنين يريدون أرضاً وأمة من الأمم ، وكانوا إذا توجهوا لوجه لم يعدلوا عنه ولا يميلون ولا يعرجون ، وكانت تسمع همهمتهم من مسيرة مائة فرسخ لكثرتهم . فلما سمعت تلك الأمة حسهم استغاثوا بذي القرنين ، وهو يومئذ في ناحية أرضهم من شرق أرض الترك والخزر وقالوا : يا ذا القرنين ، إنه قد بلغنا ما آتاك الله من السلطان والملك ، وما ألبسك من الهيبة ، وما أيدك به من جنود أهل الأرض ومن النور والظلمة ، وإنا جيران يأجوج ومأجوج ، وليس بيننا وبينهم إلا شواهق الجبل ، وليس لهم إلينا طريق إلا من هذين الصدفين ، فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً . قال الله تعالى : " ثم اتبع سبباً ، حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً ، قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً " أي جعلاً وأجراً " على أن تجعل بيننا وبينهم سداً " أي حاجزاً فلا يصلون إلينا " قال ما مكني فيه ربي " أي قواني " خير " من خراجكم ولكن " فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً " حاجزاً كالحائط . قالوا : وما تلك القوة ؟ قال : فعلة وصناع يحسنون البناء والعمل والآلة . قالوا : وما تلك الآلة : قال " آتوني زبر الحديد "

الصفحة 239