كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 244 """"""
هاهنا وهاهنا ، وإذا طائر أسود يشبه الخطاف مزموم بأنفه إلى الحديدة ، معلق بين السماء والأرض ، فلما سمع الطائر خشخشة ذي القرنين قال : من هذا ؟ قال : أنا ذو القرنين . فقال : يا ذا القرنين ، أما كفاك ما وراءك حتى وصلت إلي ثم قال الطائر : يا ذا القرنين ، حدثني ؛ قال سل ؛ فقال : هل كثر بناء الآجر والجص في الأرض ؟ قال نعم ؛ فانتفض الطائر انتفاضة ثم انتفخ فبلغ ثلث الحديدة ، ثم قال : يا ذا القرنين ، هل كثرت شهادات الزور في الأرض ؟ قال نعم ؛ فانتفض الطائر ثم انتفخ فملأ الحديدة وسد ما بين جداري القصر . ففرق ذو القرنين فرقاً عظيماً . فقال الطائر : لا تخف . حدثني . قال سل . قال : هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا الله بعد ؟ قال لا ، فانضم الطائر ثلثه ثم قال : هل ترك الناس الصلاة المفروضة بعد ؟ قال لا ، فانضم ثلثاه . ثم قال : يا ذا القرنين ، هل ترك الناس غسل الجنابة بعد ؟ قال لا ؛ فعاد الطائر كما كان . ثم قال : يا ذا القرنين . اسلك هذا الدرج درجة درجة إلى أعلى القصر . فسلكها وهو خائف وجل لا يدري على ماذا يهجم ، حتى انتهى إلى سطح ممدود ، عليه صورة رجل شاب قائم ، وعليه ثياب بيض . رافعاً وجهه إلى السماء ، واضعاً يديه على فيه ، فلما سمع خشخشة ذي القرنين قال : من هذا ؟ قال : أنا ذو القرنين . قال : يا ذا القرنين ، إن الساعة قد اقتربت ، وأنا منتظر أمر ربي يأمرني أن أنفخ فأنفخ ، ثم أخذ صاحب الصور شيئاً بين يديه كأنه حجر وقال : خذه يا ذا القرنين ، فإن شبع هذا شبعت ، إن جاع جعت ؛ فأخذه ونزل إلى أصحابه فحدثهم بأمر الطائر وما قال له وما رد عليه ، وما قال صاحب الصور . ثم جمع علماء عسكره فقال : أخبروني عن هذا الحجر ما أمره ؟ فقالوا : أيها الملك ، أخبرنا عما قال لك فيه صاحب الصور . فقال ذو القرنين : إنه قال لي : إن شبع هذا شبعت وإن جاع جعت فوضعوا ذلك الحجر في إحدى كفتي ميزان وأخذوا حجراً مثله فوضعوه في الكفة الأخرى ثم رفعوا الميزان فإذا هو يميل ، فوضعوا معه آخر فإذا هو يميل بهن فلم يزالوا يضعون حتى وضعوا ألف حجر فمال بالألف جميعاً ، فقالوا : انقطع علمنا دون هذا الحجر لا ندري أسحر هو أم علم ما نعلمه فقال