كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 246 """"""
حتى مات . وصرح الثعلبي في سياقة أخباره أنه الذي قتل دارا بن دارا ، وأنه لم تطل مدة عمره . وسنذكر إن شاء الله تعالى خبر قاتل دارا بن دارا في أخبار ملوك اليونان .
وحكى الأنماطي عن وهب في خبر دخول الإسكندر الظلمات : أنه لما انتهى إلى مغرب الشمس ترك من معه هناك وسار على الماء في الظلمة ثمانية أيام وثماني ليال حتى انتهى إلى جبل قاف ، وإذا هو بملك قابض على الجبل يسبح الله تعالى ؛ فخر ذو القرنين ساجداً لله تعالى فلم يرفع رأسه حتى قواه الله تعالى على النظر إلى الملك . فقال له : كيف قويت يا بن آدم على أن تبلغ هذا الموضع ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك ؟ قال : قواني الله الذي قواك على قبض هذا الجبل . فأخبرني عن هذا الجبل . قال : إنه قاف المحيط بالأرض كلها ، ولولا هو لانكفأت الأرض بأهلها ، وليس على ظهر الأرض أعظم منه ، وإنه لمحيط بها كالحلقة ، وهو أول جبل أثبته الله ، فرأسه ملصق بسماء الدنيا ، و أسفله راسخ في الأرض السفلى .
وحكى إبراهيم بن وصيف شاه في كتاب العجائب الكبير : أن ذا القرنين لما سار إلى الظلمة مر بجزيرة فيها أمة رءوسهم رءوس الكلاب العظام بادية أنيابهم ، يخرج من أفواههم مثل لهب النار ، وأنهم خرجوا إلى مراكبه فحاربوه فتخلص منهم ، وسار فرأى نوراً ساطعاً فقصده فإذا هو قد بلغ جزيرة القصر . قال : وهذه الجزيرة فيها قصر مبني بالبلور الصافي عالي الطول يشف حتى يرى نوره على البعد ، فأراد النزول بها ، فمنعه بهرام فيلسوف الهند وعرفه أن من نزل إليها وقع عليه النوم وعزب عقله فلا يستطيع الخروج منها حتى يهلك . قال : ويقال إنه ظهر لهم منها قوم قصار زعر ، لباسهم ورق الشجر . فسأل بهرام عن صبرهم على المقام بها ، فعرفوه أن بها ثمر إذا أكلوا منه زال عنهم ذلك ، وذكروا أنهم إذا كان الليل ظهر بين شرف القصر مثل المصابيح