كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 247 """"""
تسرج إلى الصبح ثم تخمد نهاراً إلى الليل فتوقد . قال : ويقال إنه مر في طريقه بجزيرة التنين وإنها جزيرة فيها جبال وأنهار وأشجار وزروع وهي عامرة ، وعلى مدينتها حصن عال ، وبها تنين عظيم قد سام أهلها أقبح سوم . فلما دخلها الإسكندر استغاثوا به من التنين وأنه أتلف مواشيهم حتى إنهم جعلوا له في كل يوم ثورين ينصبونهما قريباً من موضعه ، فيخرج فيبتلعهما . فأمر الإسكندر بثورين عظيمين فسلخا وحشا جلودهما زفتاً وكبريتاً وكلساً وزرنيخاً ، وجعل مع تلك الأخلاط كلاليب حديد ، وجعلهما في ذلك المكان . وخرج التنين وأقبل كالسحابة السوداء وعيناه تلمعان كالبرق ، والنار تخرج من جوفه ، فابتلعهما ومضى ، فاضطرمت تلك الأشياء في جوفه ، فلما أحس بثقلها ذهب ليقذفها ، فتشبكت الكلاليب في حلقه فخر وفتح فاه ليستروح ، فأمر الإسكندر بقطع الحديد فأحميت وحملت على ألواح من حديد وقذفت في حلقه فمات . ففرح أهل ذلك الموضع بموته وألطفوا الإسكندر وحملوا إليه من طرائف ما عندهم . وكان فيما حملوه إليه دابة في خلق الأرنب ، شعرها أصفر يبرق كالذهب ، يسمونها المعراج ، وفي رأسها قرن واحد أسود ، إذا رأتها الأسود وسباع الوحش وكل دابة هربت منها . وقال الأنماطي في سياقة أخبار الإسكندر عن وهب تلو خبر السد : ثم انطلق ذو القرنين بعد ذلك ، فبينما هو يسير إذ مر على شيخ يصلي ، فوقف عليه بجنوده حتى إذا انصرف من صلاه قال له : كيف لم يرعك ما حضرك من الجنود ؟ قال : كنت أناجي من جنوده أكثر من جنودك ، وسلطانه أعز من سلطانك ، وقوته أشد من قوتك ؛ ولو صرفت وجهي إليك لم أدرك حاجتي قبله . قال له : هل لك أن تنطلق معي وأواسيك بنفسي وأستعين بك على بعض أمري ؟ قال : نعم ، إن ضمنت لي أربعة خصال : نعم لا يزول ، وصحة لا سقم فيها ، وشباب لا كبر فيه ، وحياة لا موت فيها . قال له ذو القرنين : وأي مخلوق يقدر على هذه الخصال . قال الشيخ : فإني مع

الصفحة 247