كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 251 """"""
في أوج الشمس ، وذكر أنه يقيم في كل برج ثلاثة آلاف سنة ، ويقطع الفلك في ستة وثلاثين ألف سنة ، إلى غير ذلك من هذا الفن . وكان ملك البرهمن إلى أن هلك ثلاثمائة سنة وستا وستين سنة ، وولده يعرفون بالبراهمة ، والهند تعظمهم إلى وقتنا هذا ، وهم أعلى أجناسهم وأشرافهم ، وهم لا يتغذون بشيء من الحيوانات . وفي رقاب النساء والرجال منهم خيوط صفر يتقلدون بها كحمائل السيوف ، تفرق بينهم وبين غيرهم من أنواع الهند . وقد تتوزع في البرهمن ، فمنهم من زعم أنه آدم وأنه رسول من الله إلى الهند ، ومنهم من زعم أنه كان ملكاً ، على حسب ما قدمناه وهو الأشهر . ولما هلك البرهمن جزعت عليه الهند جزعاً شديداً ، وملكت عليها ولده الأكبر .
ذكر تنصيب ابن البرهمن وهو الباهبود
وكان ولي عهد أبيه من بعده . فسار فيهم سيرة أبيه وأحسن النظر إليهم . وزاد في بناء الهياكل ، وقدم الحكماء ورفع من مقدارهم وزاد في مراتبهم ، وحثهم على تعليم الناس الحكمة وبعثهم على طلبها . وكان ملكه إلى أن هلك مائة سنة . وفي أيامه عمل النرد ولعب به ، وجعل ذلك مثالاً للمكاسب ، وأنها لا تنال بالكيس ولا بالحيل في هذه الدنيا ، وأن الرزق لا يتأتى فيها بالحذق . وذكر أن أردشير بن بابك أول من وضع النرد ولعب بها ، وأرى تقلب الدنيا بأهلها واختلاف أمرها . وجعل بيوتها اثنى عشر بعدد الشهور ، وجعل مهاركها ثلاثين بعدد أيام الشهر ، والفصوص أمثلة للقدر وتقلبه بأهل الدنيا وأن الإنسان يلعب بها فيبلغ بإسعاد القدر له في مراده بها ما يريد ، وأن الحازم الفطن لا يتأتى له ما يتأتى لغيره إذا لم يسعده القدر ، وأن الأرزاق لا تنال في هذه الدنيا إلا بمقادير .

الصفحة 251