كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 256 """"""
تلك التماثيل التي فيها أجسام من سلف من آبائه ، وقال : في ترك ذلك على ما هو عليه خروج عن حد الحكمة ، ويكون ذلك إلى غير غاية ونهاية . وأمر بتعظيم تلك الأجساد التي جعلها في أعلى القبة . ثم جمع الخواص من أهل مملكته وأخبرهم أن من رأيه أن يضم الناس إلى ديانة يرجعون إليها فيجتمع الشمل ويتساوى النظام ، وقال : إنه متى عدم الملك الشريعة لم يؤمن عليه الخلل ، ودخول الفساد والزلل ؛ فرتب لهم سياسة وشريعة وفرائض ، ورتب لهم قصاصاً للنفوس والأعضاء ، وقاعدة تستباح بها الفروج وتصح بها الأنساب . وجعل مما رتبه وقرره لوازم ونوافل ، وأوجب عليهم صلوات لخالقهم تقرباً إلى معبودهم منها إيماء لا ركوع فيها ولا سجود في أوقات من الليل والنهار معلومة ، ومنها بركوع وسجود في أوقات من السنين وفي شهور محدودة . ورسم لها أعياداً ، وأوجب على الزناة منهم حدوداً ، وعلى من أراد من نسائهم البغاء جزية مقررة ، وألا يستبحن بالنكاح وقتاً من الأوقات ، وإن أقلعن عما كن عليه تكف الجزية عنهن . وما يكون من أولادهن ذكوراً يكونون للملك جنداً وعبيداً ، وما يكون من أولادهن إناثاً فلأمهاتهن ويلحقن بصنعتهن . وأمر بقرابين للهياكل ودخن وأبخرة للكواكب . وجعل لكل كوكب منها دخناً يتقرب إليه بها معمولة من أنواع الطيب والعقاقير . وأحكم لهم جميع الأمور ، فاستقامت أيامه وكثر النسل . فكانت مدة حياته نحواً من مائة وخمسين سنة ثم مات ، فجزعوا عليه جزعاً عظيماً ، وجعلوه في تمثال من الذهب ورصعوه بالجوهر وبنوا له هيكلاً عظيماً ، وجعلوا في أعلاه سبعة أنواع من الجوهر على ألوان الكواكب السبعة وأشكالها ، وجعلوا يوم وفاته صلوات وعيداً يجتمعون فيه عند ذلك الهيكل ، وصوروا صورته وذكروا سيرته في لوح من الذهب ، وجعلوه في أعلى الهيكل من حيث تراه الأبصار ليكون ذلك مثالاً لمن يرد بعده في السياسة ونهج السيرة وصوروا صورته على أبواب المدينة . وعلى الدنانير والفلوس والثياب . وأكثر أموالهم الفلوس الصفر والنحاس . قال : واستقرت هذه المدينة دار ملك الصين وهي مدينة إيقو . قال : ولهم مدينة عظيمة نحو ما يلي مغرب الشمس من أرضهم يقال لها مدو ، وتلي بلاد التبت . والحرب بين أهل مدو وبين