كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 257 """"""
أهل بلاد التبت سجال . ولم تزل الملوك ممن طرأ بعد هذا الملك أمورهم منتظمة ، وأحوالهم مستقيمة ، والخصب والعدل لهم شامل ، والجور في بلادهم معدوم ، ويقتدون بما نصب لهم توتال من الأحكام . وحروبهم على عدوهم قائمة ، وثغورهم مشحونة ، والرزق على الجنود جار ، والتجار يختلفون إليهم في البر والبحر من كل بلد . ودينهم دين من سلف من آبائهم ، وهي ملة تدعى السمنية ، عباداتهم نحو من عبادات قريش قبل الإسلام ، يعبدون الصور ويتوجهون نحوها بالصلوات . فاللبيب فيهم يقصد بصلاته الخالق عز وجل ، ويقيم التمثال من الأصنام وغيرها مقام قبلة . والجاهل ومن لا علم له يشرك هذه التماثيل بإلاهية الخالق ويعتقدهما جميعاً ، وأن عبادتهم الأصنام تقربهم إلى الله زلفى ، وأن منزلتهم في العبادة تنقص عن البارئ لجلالته وعظمته وسلطانه ، وأن عبادتهم لهذه الأصنام طاعة له ووسيلة ، إلى أن ظهرت في أهل الصين آراء ونحل حدثت من مذاهب الثنوية وأهل الدهر . وقد كانوا قبل ذلك في الآراء وعبادة التماثيل على حسب ما عليه عوام الهند وخواصهم ، فتغيرت أحوالهم وبحثوا وتناظروا ، إلا أنهم ينقادون في جميع أحكامهم إلى ما نصب لهم من القاعدة التي قدمناها . قال : وملكهم متصل بملك الطغرغر . وكان اعتقاد الطغرغر القول بإله النور والظلمة ، وكانوا قبل ذلك جاهلية جهلاء ، سبيلهم في الإعتقاد سبيل أنواع الترك ، إلى أن وقع إليهم شياطين المانية ، فزخرف لهم كلاماً يريهم فيه تضاد هذا العالم وتنافيه من موت وحياة وصحة وسقم وغنى وفقر وضياء

الصفحة 257