كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 259 """"""
وهي على نهر عظيم أكبر من دجلة أو نحوه ، تدخله السفن التي ترد من بلاد البصرة وسيراف وعمان ومدن الهند وجزائر الزابج . وبين هذه المدينة وبحر الصين مسيرة ستة أيام أو سبعة ، وفيها خلائق من الناس مسلمون ونصارى ويهود ومجوس وغيرهم من أهل الصين . فقصد الخارجي هذه المدينة ، والتقى بجيوش الملك فهزمها . وحاصر المدينة وفتحها واستولى على المملكة ، وقتل من أهل مدينة خانقو خلقاً لا يحصون كثرة ، فأحصى من قتل فيها من المسلمين والنصارى واليهود غير أهل الصين فزادوا على مائتي ألف . ثم سار بجيوشه إلى بلد بلد فافتتحه . وقصد مدينة إيقو ، وهي دار المملكة ، وهو في ثلاثمائة ألف ما بين فارس وراجل . فخرج إليه الملك في خواصه في نحو مائة ألف والتقيا ، فكانت الحرب بينهم سجالاً نحو شهر وصبرا جميعاً . ثم كانت على الملك فانهزم ، وأمعن الخارجي في طلبه . وانحاز الملك إلى مدينة في أطرف أرض الصين . واستولى الخارجي على حوزة الصين واحتوى على دار الملك وخزائن الملوك السالفة وما أعدوه للنوائب . وعلم أنه لا يقوم بالملك لأنه ليس من بيته ، فأخرب البلاد واستباح الأموال وسفك الدماء . فكاتب ملك الصين ملك الترك أمرخان واستنجده . فأنجده ملك الترك بولده في نحو أربعمائة ألف فارس وراجل . وقد استفحل أمر الخارجي فالتقى الفريقان ، فكانت الحرب بينهما سجالاً نحو سنة وقتل من الطائفتين ما لا يحصى كثرة ، ثم فقد الخارجي فقيل قتل وأسر ولده وخواص أصحابه ، وعاد ملك الصين إلى دار ملكه . قال : والعامة تسميه بغيور ، وتفسيره بن السماء تعظيماً له . والاسم الذي يخاطب به ملوك الصين طمغاجيان ، ثم لقبوا بعد ذلك ملكهم بالخان . قال : ولما كان من أمر هذا الخارجي الذي ذكرناه تغلب صاحب كل عمل على عمله ، وضعف ملك الصين عن مقاومتهم . وسنذكر إن شاء الله تعالى ما آل إليه ملك الصين عند ذكرنا لأخبار الدولة الجنكزخانية . والله أعلم .