كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 264 """"""
قال : وفي دار مملكة الخزر رجل يكون اسمه خاقان لا يركب ولا يظهر للخاصة ولا للعامة ، ولا يستقيم ملك الخزر لملكهم إلا أن يكون عنده خاقان معه في قصره . فإذا أجدبت أرض الخزر أو نابت بلادهم نائبة أو حرب ، جاءت الخاصة والعامة إلى ملك الخزر وقالوا له : قد تطيرنا بخاقان وبأيامه وتشاءمنا به ، فاقتله أو سلمه إلينا نقتله ، من غير أن يكون قد عمل ما يوجب ذلك ؛ فتارة يقتله ، وتارة يسلمه إليهم فيقتلونه ، وتارة يمانع عنه ويرق له . وإذا قتل خاقان أقاموا غيره . قال : وللخزر زوارق يركبون فيها من نهر فوق المدينة يصب إلى نهر يقال له برطاس ، عليه أمم من الترك حاضرة داخلة في جملة ملوك الخزر ، وعمائرهم متصلة بين مملكة الخزر والبلغر ، يرد هذا النهر من نحو بلاد البلغر . ومن بلاد برطاس تحمل جلود الثعالب السود التي يعرف وبرها بالبرطاسي . قال المسعودي : ويبلغ ثمن الجلد منها مائة دينار . وتلبسها الملوك وهو عندهم أغلى من السمور والفنك ، والحمر دونها في الثمن .
قال : وفي أعالي نهر الخزر مصب يتصل بخليج من نهر نيطش ، وهو بحر للروس لا يسلكه غيرهم ، وهم على ساحل من سواحله . وهي أمة عظيمة لا تنقاد إلى ملك ولا إلى شريعة . وفي أرض الروس معدن من الفضة . قال : والروس أمم كثيرة ، فمنهم جنس يقال لهم البوداغية ، وهم الأكثر ، يختلفون بالتجارات إلى بلاد الأندلس والقسطنطينية ورومية . قال : وبين مملكة حيزان التي ذكرناها وبين الباب والأبواب أناس من المسلمين عرب لا يحسنون غير اللغة العربية في آجام هنالك وغياض وأودية وأنهار ، ولهم قرى قد سكنوها ، وهم على نحو من ثلاثة أميال من مدينة الباب والأبواب . قال : ويلي مملكة حيزان مما يلي الفتح والسغد ملك يقال له برزينان مسلم ، ويعرف بلد هذه الملك بالكرج . وكل ملك يلي هذه المملكة يدعى برزينان . ثم يلي مملكة برزينان ملك يقال له عينق ، وهم يدينون بدين النصرانية ، ولا ينقادون لملك ،