كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 28 """"""
في ولدها ، فجعلت المرأة تدعو الله تعالى أن يرزقها غلاماً ، فولدت غلاماً فسمته أشمويل وقيل فيه شمعون . وتقول : سمع الله دعائي . واختلف في نسبه ، فالذي يقول اسمه شمعون يقول : هو شمعون بن صفية بن علقمة بن أبي ياسف بن قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب .
وقال سائر المفسرين : هو أشمويل ، وهو بالعربية إسماعيل بن بالي ابن علقمة بن حام بن النهر بن بهر بن صوف بن علقمة بن ماحت بن عموصا ابن عزريا .
قال مقاتل : هو من نسل هارون - ع - . وقال مجاهد : أشمويل ابن هلقاثا . والله أعلم .
قالوا : فلما كبر الغلام أسلمته أمه يتعلم التوراة في بيت المقدس وكفله عيلى ، فلما بلغ أشمويل الوقت الذي يبعثه الله عز وجل نبياً أتاه جبريل وهو نائم إلى جنب عيلى الكاهن ، وعيلى لا يأمن عليه أحداً ، فدعاه بلحن الشيخ : يا أشمويل ، فقال فزعاً إلى الشيخ فقال : يا أبتاه ، دعوتني ؟ فكره الشيخ أن يقول لا فيفزع الغلام ؛ فقال : يا بني ارجع . فرجع فنام ، ثم دعاه ثانياً ، فأتاه فقال : أدعوتني ؟ فقال الشيخ : ما شأنك ؟ فقال : أما دعوتني ؟ قال : لا . قال أشمويل : فإني سمعت صوتاً في البيت ، وليس فيه غيرنا ، فقال : ارجع فتوضأ وصل ، فإذا دعيت باسمك فأجب وقل . لبيك ، أنا طوعك ، فمرني أفعل ما تأمرني . ففعل الغلام ذلك ، فنودي الثالثة ، فقال : لبيك أنا طوعك ، فمرني أفعل ما تأمرني . فظهر له جبريل وقال : اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك ، فإن الله تعالى قد بعثك إليهم نبياً ، وإن الله تعالى ذرأك يوم ذرأك للنبوة ورحم وحدة أمك في ذلك اليوم الذي تاهت عليها ضرتها ، ولا أحد اليوم أشد عضداً ولا أطيب ولادة منك ، فانطلق إلى عيلى فقل له إنك كنت خليفة الله على عباده ، فبقيت زماناً تأمر بأمره ، وحاكما بكتابه ، وحافظاً لحدوده ؛ فلما امتد سنك ، ودق عظمك ، وذهبت قوتك ، وفني عمرك ، وقرب أجلك ؛ وصرت أفقر ما تكون إلى الله تعالى ، ولم تزل فقيراً إليه ، عطلت الحدود ، وعملت بالرشا ، وأضعت حكومات الخلق ، حتى عز الباطل وأهله ، وذل الحق وحزبه ، وظهر