كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 32 """"""
قرن من حديد لا تأخذه في الله لومة لائم ؛ ومن ورائه ذو النورين آخذ بحجزته ، مكتوب على جبينه : بار من البررة . ومن بين يديه علي بن أبي طالب شاهر سيفه على عاتقه ، مكتوب على جبينه : هذا أخوه وابن عمه المؤيد بالنصر من عند الله . وحوله عمومته والخلفاء والنقباء والكبكبة الخضراء - وهم أنصار الله وأنصار رسوله - نور حوافر دوابهم يوم القيامة مثل نور الشمس في الدنيا .
وكان التابوت نحو ثلاثة أذرع في ذراعين ، وكان من عود الشمشار الذي تتخذ منه الأمشاط ، مموهاً بالذهب ، فكان عند آدم إلى أن مات ، ثم عند شيث ، ثم توارثه أولاد آدم إلى أن بلغ إبراهيم - ع - فلما مات كان عند إسماعيل ، ثم كان عند قيذار بن إسماعيل ، فتنازعه ولد إسحاق وقالوا : إن النبوة قد صرفت عنكم ، وليس لكم إلا هذا النور الواحد ، يعني نور محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فأعطنا التابوت . فكان قيذار يمتنع عليهم ويقول : إنه وصية لأبي ، ولا أعطيه أحداً من العالمين . قال : فذهب ذات يوم يفتح التابوت ، فتعسر عليه فتحه ، فناداه مناد من السماء : مهلاً يا قيذار ، فليس لك إلى فتح هذا التابوت سبيل ، إنه وصية نبي ، لا يفتحه إلا نبي ، فادفعه لابن عمك يعقوب إسرائيل الله ؛ فحمل قيذار التابوت على عنقه وخرج يريد أرض كنعان وكان بها يعقوب - ع - فلما قرب منه صر التابوت صرة سمعها يعقوب ، فقال لبنيه : أقسم بالله لقد جاءكم قيذار بالتابوت فقوموا نحوه . فقام يعقوب وأولاده جميعاً إليه ، فلما نظر يعقوب إلى قيذار استعبر باكياً وقال : يا قيذار ، مالي أراك متغيراً وقوتك ضعيفة ، أرهقك عدو أم أتيت معصية بعد أبيك إسماعيل ؟ قال : ما رهقني عدو ولا أتيت معصية ولكن نقل من ظهري نور محمد ، فلذلك تغير لوني وضعف كني ، قال : أفي بنات إسحاق ؟ قال : لا ، في العربية الجرهمية ، وهي العامرية ، فقال