كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 33 """"""
يعقوب : بخ بخ شرفاً لمحمد ، لم يكن الله عز وجل ليجريه إلا في العربيات الطاهرات يا قيذار ، وأنا مبشرك ببشارة . قال : وما هي ؟ قال : اعلم أن العامرية قد ولدت لك البارحة غلاماً . قال قيذار : وما علمك يا بن عمي وأنت بأرض الشام وهي بأرض الحرم ؟ قال يعقوب : علمت ذلك لأني رأيت أبواب السماء قد فتحت ، ورأيت نوراً كالقمر الممدود بين السماء والأرض ، ورأيت الملائكة ينزلون من السماء بالبركات والرحمة ، فعملت أن ذلك من أجل محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فسلم قيذار التابوت إلى يعقوب ورجع إلى أهله ، فوجدها قد ولدت غلاماً ، فسماه حملا وفيه نور محمد ( صلى الله عليه وسلم ) .
قالوا : وكان التابوت في بني إسرائيل إلى أن وصل إلى موسى - ع - فكان موسى يضع فيه التوراة ومتاعاً من متاعه ، وكان عنده إلى أن مات ، ثم تداوله أنبياء بني إسرائيل إلى وقت أشمويل ، وكان فيه ما ذكر الله تعالى " فيه سكينة من ربكم " .
قال الثعلبي : واختلفوا في السكينة ما هي ؟ فقال علي بن أبي طالب : السكينة ريح خجوج هفافة لها رأسان كرأس الهرة ووجه كوجه الإنسان . وقال مجاهد : رأس كراس الهرة ، وذنب كذنب الهرة وجناحان . وقال ابن إسحاق عن وهب عن بعض علماء بني إسرائيل : السكينة ، رأس هرة ميتة كانت إذا صرخت في التابوت بصراخ هر أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح .
وقال السدي عن أبي مالك عن ابن عباس : هي طست من ذهب من الجنة كانت تغسل فيه قلوب الأنبياء . وقال بكار بن عبد الله عن وهب : روح من الله تتكلم ، إذا اختلفوا في شيء تخبرهم ببيان ما يريدون . وقال عطاء بن أبي رباح : هي ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها . وقال قتادة والكلبي : فعيلة من السكون أي طمأنينة من ربكم ، وفي أي مكان كان التابوت اطمأنوا " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون " .
قالوا : كان فيه عصا موسى ورضاض الألواح ، وذلك أن موسى لما ألقى الألواح تكسرت فوقع بعضها ، وجمع ما بقي فجعله في التابوت . وكان فيه أيضاً لوحان