كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 37 """"""
ذكر خبر داود حين قتل جالوت الملك
قال الله تعالى : " ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وأنصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت " .
قال أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله : قال المفسرون بألفاظ مختلفة ومعان متفقة : عبر النهر مع طالوت إيش أبو داود في ثلاثة عشر ابناً له ، وكان داود أصغرهم ، فأتاه ذات يوم فقال : يا أبتاه ، ما أرمي بقذافتي شيئاً إلا صرعته . فقال : أبشر يا بني فإن الله عز وجل جعل رزقك في قذافتك ؛ ثم أتاه مرة أخرى فقال : يا أبتاه ، لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسداً رابضاً ، فركبته وأخذت بأذنيه فلم يهجني ، فقال : أبشر يا بني فإن هذا خير يريده الله بك . ثم أتاه يوماً آخر فقال : يا أبتاه ، إني لأمشي بين الجبال فأسبح فما يبقى جبل ، إلا سبح معي . فقال : أبشر يا بني فإن هذا خير أعطاكه الله عز وجل . قالوا : فأرسل جالوت إلى طالوت ، أن ابرز إلي أو أبرز إلي من يقاتلني ، فإن قتلني فلكم ملكي ، وإن قتلته فلي ملككم . فشق ذلك على طالوت ، فنادى في عسكره : من قتل جالوت زوجته ابنتي وناصفته ملكي . فهاب الناس جالوت فلم يجبه أحد ؛ فسأل طالوت نبيهم - ع - أن يدعو ، فدعا الله عز وجل في ذلك ، فأتى بقرن فيه دهن القدس ، وتنور من حديد ، فقيل له : إن صاحبكم الذي يقتل جالوت هو الذي يوضع هذا القرن على رأسه فيغلى الدهن ثم يدهن به رأسه ولا يسيل على وجهه ، يكون على رأسه كهيئة الإكليل ، ويدخل في هذا التنور فيملأه لا يتقلقل فيه ؛ فدعا طالوت بني إسرائيل ، فجربهم فلم يوافقه منهم أحد ، فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن في ولد إيش من يقتل الله به جالوت ، فدعا طالوت إيش وقال له : اعرض على بنيك . فأخرج له اثني عشر رجلاً أمثال السواري ، وفيهم رجل فارع عليهم ؛ فجعل يعرضهم على القرن فلا يرى شيئاً ، فيقول لذلك الجسيم : ارجع فيردده

الصفحة 37