كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 4 """"""
فدخلها يوشع بهم وقتل الجبارين الذين كانوا فيها ، ودخلها موسى ببني إسرائيل ، فأقام فيها ما شاء الله تعالى أن يقيم ، ثم قبضه الله تعالى ، ولم يعلم أحد من الناس أين قبره . قال : وهذا أولى الأقاويل بالصدق . وقال الآخرون : إنما قتل الجبارين يوشع ولم يسر إليهم إلا جد موسى . وقالوا : إنما مات موسى وهارون عليهما السلام في التيه . قالوا : فلما انقضت مدة التيه ومات موسى - ع - بعث الله تعالى يوشع بن نون نبياً ، فأخبرهم أنه نبي الله تعالى وأن الله عز وجل قد أمره بقتال الجبارين ، فصدقوه وبايعوه . فتوجه ببني إسرائيل إلى أريحا ومعه تابوت الميثاق ، فأحاط بمدينة أريحا ستة أشهر ، فلما كان في الشهر السابع نفخوا في القرون وضج الشعب ضجة واحدة ، فسقط سور المدينة ، فدخلوها وقاتلوا الجبارين ، فهزموهم وهجموا عليهم يقتلونهم ، فكانت العصابة من بني إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل يضربونها لا يقطعونها ، وكان القتال يوم الجمعة ، فبقيت منهم بقية وكادت الشمس تغرب وتدخل ليلة السبت ، فخشي يوشع أن يعجزوه ، فقال : اللهم أردد الشمس علي ، وقال للشمس : إنك في طاعة الله ، وأنا في طاعة الله . فسأل الشمس أن تقف والقمر أن يقيم حتى ينتقم من أعداء الله قبل غروب الشمس ، فردت عليه الشمس وزيد له في النهار ساعة واحدة حتى قتلهم أجمعين .
قالوا : ثم أرسل ملوك الأرمانيين بعضهم إلى بعض ، - وكانوا خمسة - فجمعوا كلمتهم على حرب يوشع وقومه ، فهزمت بنو إسرائيل الملوك حتى أهبطوهم إلى ثنية حوران ، فرماهم الله تعالى بأحجار البرد ، فكان من قتله البرد أكثر ممن قتله بنو إسرائيل بالسيف ، وهربت الملوك الخمسة ، فاختفوا في غار ، فأمر بهم يوشع فأخرجوا ، فقتلهم وصلبهم ، ثم أنزلهم وطرحهم في ذلك الغار ، وتتبع سائر ملوك الشام فاستباح منهم أحدا وثلاثين ملكا حتى غلب على جميع أرض الشام ، ، وصار الشام كله لبني إسرائيل ، وفرق عماله في نواحي الشام .
الصفحة 4
277