كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 47 """"""
قال الثعلبي : وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا اشتبه عليه أمر الخصمين قال : ما أحوجكما إلى سلسلة بني إسرائيل ؟ كانت تأخذ بعنق الظالم فتجره إلى الحق جراً . والله أعلم بالصواب .
ومنها : القوة في العبادة وشدة الاجتهاد ؛ قال الله تعالى : " واذكر عبدنا داود ذا الأيد " ، أي القوة في العبادة " إنه أواب " أي تواب مطيع مسبح .
وكان داود يقوم الليل ، ويصوم يوماً ويفطر يوماً ، وما مرت ساعة من الليل إلا وفيها من آل داود قائم يصلي ، ولا يوم من الأيام إلا وفيه منهم صائم .
ومنها : قوة المملكة . قال الله تعالى : " وشددنا ملكه " أي قويناه ، وقرأ الحسن : وشدّدنا ملكه بالتشديد . قال ابن عباس : كان أشد ملوك الأرض سلطاناً ؛ كان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألف رجل . وقال السدي : كان يحرسه في كل يوم وليلة أربعة آلاف .
وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً من بني إسرائيل استعدى على رجل من عظمائهم عند داود ؛ فقال المستعدي : إن هذا قد غصبني بقرى . فسأل داود الرجل فجحده ، وسأل الآخر البينة فلم تكن له بينة ، فقال لهما داود : قوما حتى أنظر في أمركما . فقاما من عنده ، فأوحى الله تعالى إلى داود في منامه أن يقتل الذي استعدى عليه ، فقال : هذه رؤيا ولست أعجل حتى أتبين فأوحى الله تعالى إليه مرة ثانية أن يقتله فقال : هذه رؤيا ، فأوحى الله تعالى إليه مرة ثالثة أن يقتله أو تأتيه العقوبة من الله . فأرسل داود إلى الرجل فقال : إن الله تعالى قد أوحى إلي أن أقتلك . فقال : تقتلني بغير بينة ولا تثبت ؟ . فقال نعم ، والله لأنفذن أمر الله فيك . فلما عرف الرجل أنه قاتله قال : لا تعجل حتى أخبرك . إني والله ما أخذت بهذا الذنب ، ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته . فأمر به داود فقتل ، فاشتد هيبته عند بني إسرائيل واشتد ملكه .