كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 50 """"""
رآها تغتسل على سطح لها . وقال الكسائي : سقط الطائر على شجرة إلى جانب الحوض الذي تغتسل فيه نساء بني إسرائيل . قالوا : فرأى داود امرأة من أجمل النساء خلقاً ، فعجب من حسنها ، وحانت منها التفات ، فأبصرت ظله ، فنفضت شعرها تغطى بدنها ، فزاده ذلك إعجاباً بها ؛ فسأل عنها ، فقيل هي بتشابع بنت سالغ ، امرأة أوريا بن حنانا ، وزوجها في غزاة بالبلقاء بعث مع يوآب ابن صروية ابن أخت داود ، فكتب داود إلى ابن أخته : أني ابعث أورياً إلى موضع كذا وكذا ، وقدمه قبل التابوت ؛ وكل من قدم على التابوت لا يحل له أن يرجع وراءه حتى يفتح الله على يديه أو يستشهد ، فبعثه أيوب وقدمه ، ففتح له ، فكتب إلى داود بذلك ؛ فكتب إليه أيضاً : أن أبعثه إلى عدو كذا وكذا . فبعثه ، ففتح له ؛ فكتب إلى داود بذلك ، فكتب إليه أيضاً : أن أبعثه إلى عدو كذا أشد منه بأساً . فبعثه ؛ فقتل في المرة الثالثة . فلما انقضت عدة المرأة تزوجها داود - ع - وهي أم سليمان - ع - .
وقال آخرون : كان سبب امتحانه أن نفسه حدثته أنه يطيق قطع يوم بغير مقارفة سوء .
وقد روى الثعلبي في ذلك بسند سعيد بن مطر عن الحسن قال : إن داود - ع - جزأ الدهر أربعة أجزاء : يوماً لنسائه ، ويوماً للعبادة ، ويوماً للقضاء بين الناس ، ويوماً لبني إسرائيل يذاكرونه ، ويبكيهم ويبكونه . فلما كان يوم بني إسرائيل ذكروا فقالوا : هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنباً ؟ فأضمر داود في نفسه أنه سيطيق ذلك . فلما كان يوم عبادته غلق أبوابه ، وأمر ألا يدخل عليه أحد ، وأكب على قراءة الزبور ؛ فبينما هو يقرأ إذا حمامة من ذهب فيها من كل لون

الصفحة 50