كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 51 """"""
حسن وقد وقعت بين يديه ، فأهوى إليها ليأخذها ، فطارت فوقعت غير بعيد ، ولم تؤيسه من نفسها ، فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل ، فأعجبه خلقها ؛ فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها ، فزاده ذلك إعجاباً بها ؛ وكان قد بعث زوجها على بعض جيوشه ، فكتب إليه : أن سر إلى مكان كذا وكذا - مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع - ففعل ، فأصيب . فخطبها داود وتزوجها .
وقال بعضهم في سبب ذلك ما رواه أبو إسحاق بسنده عن قتادة عن الحسن قال : قال داود - ع - لبني إسرائيل حين ملك : والله لأعدلن بينكم . ولم يستثن ؛ فابتلى . وقال أبو بكر الوراق : كان سبب ذلك أن داود - ع - كان كثير العبادة ، فأعجب بعمله وقال : هل في الأرض أحد يعمل عملي ؟ فأتاه جبريل - ع - فقال : إن الله عز وجل يقول : أعجبت بعبادتك والعجب يأكل العبادة ، فإن أعجبت ثانياً وكلتك إلى نفسك . فقال : يا رب كلني إلى نفسي سنة . قال : إنها لكثرة . قال : شهراً . قال : إنه لكثير . قال : فأسبوعاً . قال : إنه لكثير . قال : فيوماً . قال : إنه لكثير . قال : فساعة . قال : فشأنك بها . فوكل الأحراس ولبس الصوف ودخل المحراب ووضع الزبور بين يديه ، فبينما هو في نسكه وعبادته إذ وقع الطائر بين يديه ؛ وكان من أمر المرأة ما كان .
قالوا : فلما دخل داود - ع - بامرأة أوريا لم يلبث إلا يسيراً حتى بعث الله عز وجل ملكين في صورة إنسيين ، يطلبان أن يدخلا عليه ، فوجداه في يوم عبادته ، فمنعهما الحرس أن يدخلا عليه ؛ فتسورا المحراب عليه ، فما شعر وهو يصلي إلا وهما بين يديه جالسان ، فذلك قول الله تعالى : " وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب ، إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط " أي تجر " واهدنا إلى سواء الصراط " أي وسط الطريق " إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة " كني

الصفحة 51