كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 52 """"""
بالنعاج عن النساء ؛ والعرب تفعل ذلك . " فقال اكفلنيها " . قال ابن عباس : أعطنيها . وقال ابن جبير عنه تحول لي عنها وقال أبو العالية ضمها إلي حتى أكفها . وقال ابن كيسان : إجعلها كفلي ، أي نصيبي . " وعزني في الخطاب " ، أي غلبني . وقرأ عبيد بن عمير : وعازني ، من المعازاة ، وهي المغالبة . قال داود : " لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيراً من الخلطاء " أي الشركاء " ليبغى بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم " . وروى السدي أن أحدهما لما قال : " إن هذا أخي " الآية ، قال داود - ع - للآخر : ما تقول ؟ قال : إن لي تسعاً وتسعين نعجة ولأخي هذا نعجة واحدة ، وأنا أريد أن آخذها منه فأكمل نعاجي مائة وهو كاره . قال داود : وهو كاره ؟ قال نعم . قال : إذاً لا ندعك وذلك ، وإن رمت ذلك ضربنا منك هذا وهذا ، يعني طرف الأنف وأصل الجبهة . فقال : يا داود ، أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا ، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لأوريا إلا امرأة واحدة ، فلم تزل به تعرضه للقتل حتى قتل وتزوجت امرأته . فنظر داود - ع - فلم ير أحداً ، فعرف ما قد وقع فيه ؛ فذلك قوله تعالى : " وظن داود " أي أيقن " أنما فتناه " أي ابتليناه . قال سعيد بن جبير : إنما كانت فتنة داود النظر . قال الثعلبي : ولم يتعمد النظر إلى المرأة ، ولكنه أعاد النظر إليها فصارت عليه .
قال : فهذه أقاويل السلف من أهل التفسير في قصة امتحان الله تعالى داود - ع - . وقد روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " من حديث بحديث داود على ما يرويه القصاص معتقداً صحته جلدته حدين لعظيم ما ارتكب وجليل ما احتقب من الوزر والإثم ، يرمى من قد رفع الله محله وأنابه من خلقه رحمة للعالمين وحجة للمجتهدين " .
وقال القائلون بتنزيه المرسلين في هذه القصة : إن ذنب داود - ع - إنما كان أنه تمنى أن تكون له امرأة أورياء حلالاً له ، وحدث نفسه بذلك ، فاتفق غزو