كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 57 """"""
أبشالوم وقال : إنه لا يستقيم أمرك إلا بعد وفاة أبيك ، والرأي أن تعاجله وتقتله ما دام في الخطيئة ، فهم بذلك ثم صرفه الله عنه . فلما غفر الله تعالى لداود ورجع إلى قومه اعتزل ابنه أبشالوم في طائفة من بني إسرائيل . فلما ولد سليمان أرسل داود ابن أخت له يقال له : يوآب إلى ابنه أبشالوم وقال : سر إليه فإنه اعتزلني خوفاً على نفسه ، وما كنت بالذي أقتل ولدي وقد تاب الله تعالى علي ورزقني هذا الولد المبارك ، فإن ظفرت به فائتني به مكرماً ، وإياك أن تقتله ، فإنك إن قتلته قتلتك به . فسار إليه في نفر من أصحابه ، فالتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً ، فانهزم أبشالوم ومن معه . فبينا هو في هزيمته إذ مر بشجرة فعلق برنسه بها ، وخرج الفرس من تحته ، فأدركه يوآب فحمله الحرج على قتله فقتله وتركه معلقاً في الشجرة ، ورجع إلى داود فأخبره الخبر ، فغضب وقال : إني قاتلك به لا محالة عاجلاً أو آجلاً .
قال الثعلبي : فلما حضر داود الوفاة أمر سليمان أن يقتله ، فقتله بعد فراغه من دفن أبيه .
ذكر خبر الزرع الذي رعته الغنم وما حكم فيه سليمان عليه السلام
قال الكسائي : وبينما داود - ع - في يوم قضائه وسليمان بين يديه ، إذ تقدم إليه قوم فقالوا : يا نبي الله ، إنا قوم حرثنا أرضاً لنا وزرعناها وسقيناها حتى بلغت الحصاد ، فجاء هؤلاء وأرسلوا أغنامهم فيها بالليل ، فرعتها جميعاً حتى لم يبق منها شيء . فقال داود لأصحاب الغنم : ما تقولون ؟ قالوا : صدقوا . فقال : لأصحاب الزرع : كم قيمة زرعكم ؟ قالوا : كذا وكذا . وقال لأرباب الغنم : كم قيمة أغنامكم ؟

الصفحة 57