كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 63 """"""
قالوا : ثم إن سليمان بعد أن استخلف أخفى أمره وتزوج امرأة واستتر عن الناس ، وأقبل على العلم والعبادة . ثم إن امرأته قالت له ذات يوم : أبي أنت وأمي ، ما أكمل خصالك وأطيب ريحك ولا أعلم لك خصلة أكرهها إلا أنك في مئونة أبي ، فلو أنك دخلت السوق فتعرضت لرزق الله لرجوت ألا يخيبك الله . قال سليمان : إني والله ما علمت عملاً ولا أحسنه ، ثم دخل السوق صبيحة يومه ذلك فلم يقدر على شيء ، فرجع فأخبرها . فقالت له : يكون غداً إن شاء الله .
فلما كان في اليوم الثاني مضى حتى انتهى إلى ساحل البحر وإذا هو بصياد ، فقال له : هل لك أن أعينك وتعطيني شيئاً ؟ قال نعم ، فأعانه . فلما فرغ أعطاه الصياد سمكتين ، فأخذهما وحمد الله تعالى ، ثم إنه شق بطن إحداهما فإذا هو بخاتم في بطنها ، فأخذه وصره في ثوبه ، وحمد الله تعالى ، وجاء بالسمكين إلى منزله ، ففرحت امرأته بذلك ، فأخرج الخاتم ولبسه في إصبعه ؛ فعكفت عليه الطير والريح ، ووقع عليه بهاء الملك ، ولم يلبث أبوه أن مات . فلما ملك عمل المرأة وأبويها إلى إصطخر .
وقد قيل في أمر الخاتم غير ذلك - على ما أورده الكسائي - وسنذكره إن شاء الله تعالى بعد هذا في أخبار سليمان - ع - .
وقد قيل في أمر الخاتم غير ذلك - على ما أورده الكسائي - وسنذكره إن شاء الله تعالى بعد هذا في أخبار سليمان - ع - .
ذكر وفاة داود - عليه السلام -
قال الكسائي : كان داود - ع - شديد الغيرة على النساء ، ويغلق الأبواب عليهن إذا خرج ، ويحمل المفاتيح معه . فقيل : إنه رجع يوماً ففتح باب نسائه ، فرأى رجلاً في داره ذا مهابة . فقال له داود - وغضب - : من أنت ؟ ومن أدخلك داري ؟ قال : أدخلني الدار من هو أولى بها منك ، أنا الذي لا أهاب الملوك ، ولا يمنعني دونهم الحجاب والجنود ، وأفرق بين الجمع ، أنا ملك الموت . فارتعد داود وقال : دعني أدخل إلى أهلي لأودعهم . قال : لا سبيل إلى ذلك يا داود . فبكى وقال : من

الصفحة 63